ويقال لو لا أنه أراد لآدم ما كان لطالت تلك الشجرة حتى ما كانت لتصل إليها يده ، ولكنه ـ كما فى القصة ـ كانت لا تصل إلى أوراقها يده ـ بعد ما أكل منها ـ حينما أراد أن يأخذ منها ليسترد عورته (١).
قوله جل ذكره : (فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما)
لمّا ارتكبا المنهىّ عنه ظهر ما يستحي من ظهوره ، ولكنّ الله ـ سبحانه ـ ألطف معهما فى هذه الحالة بقوله : فبدت لهما سوآتهما ، ولم يقل ـ مطلقا ـ فبدت سوءتهما ؛ أي أنه لم يطلع على سوءتهما غيرهما.
ويقال لمّا تجرّدا عن لباس التقوى تناثر عنهما لباسهما الظاهر.
قوله جل ذكره : (وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ)
أول الحرف والصناعات ـ على مقتضى هذا ـ الخياطة ، وخياطة الرّقاع بعضها على بعض للفقراء ميراث من أبينا آدم ـ عليهالسلام (٢).
ويقال كان آدم ـ عليهالسلام ـ قد أصبح وعليه من حلل الجنة وفنون اللّباس ما الله به أعلم ، ثم لم يمس حتى كان يخصف على نفسه من ورق الجنة ، وهكذا كان فى الابتداء ما هو موروث فى أولاده من هناء بعده بلاء.
قوله تعالى : (وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ) (٣) : عند ذلك وقعت عليهما الخجلة لمّا ورد عليهما خطاب الحقّ : (أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ ...) ولهذا قيل : كفى للمقصّر الحياء يوم اللقاء
قوله تعالى : (قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا ..) (٤) : لم يتكلما بلسان الحجة فقالا : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) ، ولم يقولا : بظلمنا صرنا من الخاسرين ، بل قالا : (وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا
__________________
(١) وفى هذا تحذير ضمنى للأكابر من الوقوع فى الزلة ، وكيف أن كرامة الولى تتلاشى بزلته.
(٢) لاحظ أهمية ذلك عندما نؤرخ للخرقة والمرقعة عند الصوفية.
(٣) آية ٢٢ سورة الأعراف.
(٤) آية ٢٣ سورة الأعراف.