وفى النار ، وبالقلب من حيث وحشة الكفر ، وبالوقت من حيث انغلاق الأمور.
ويقال من أعرض عن الانخراط فى قصايا الوفاق انثالت عليه فنون الخذلان ، ومن أعرض عن استدامة ذكره ـ سبحانه ـ بالقلب توالت عليه من تفرقة القلب ما يسلب عنه كلّ روح.
ومن أعرض عن الاستئناس بذكره انفتحت عليه وساوس الشيطان وهواجس النّفس بما يوجب له وحشة الضمير ، وانسداد أبواب الراحة والبسط.
ويقال من أعرض عن ذكر الله فى الخلوة قيّض الله له فى الظاهر من القرين السوء ما توجب رؤيته له قبض القلوب واستيلاء الوحشة.
قوله جل ذكره : (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى)
فى الخبر : «من كان بحالة لقى الله بها» فمن كان فى الدنيا أعمى القلب يحشر على حالته ، ومن يعش على جهل يحشر على جهل ، ولذا يقولون : (مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا؟) (١) إلى أن تصير معارفهم ضرورية.
وكما يتركون ـ اليوم ـ التدبّر فى آياته يتركون غدا فى العقوبة من غير رحمة على ضعف حالاتهم.
قوله جل ذكره : (وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقى (١٢٧))
جرت سنّته بأن يجازى كلا بما يليق بحاله ، فما أسلفه لنفسه سيلقى غبّه ؛ على الخير خيرا ، وعلى الشرّ شرّا.
__________________
(١) آية ٥٢ سورة يس.