امرأته ولم تره حسبت أنه أكله سبع أو أصابته آفة ، فأخذت تبكى وتولول ، فقال لها أيوب ـ وهى لم تعرفه لأنه عاد صحيحا ـ مالك يا امرأة؟
قالت : كان لى هاهنا مريض ففقدته. فقال لها أيوب : أنا ذاك الذي تطلبينه!
وفى بعض الأخبار المروية أنه بقي فى بلائه سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام وسبع ساعات.
وقيل تعرّض له إبليس فقال : إن أردت العافية فاسجد لى سجدة ، فقال : (مَسَّنِيَ الضُّرُّ).
ويقال إن أيوب ـ عليهالسلام ـ كان مكاشفا بالحقيقة ، مأخوذا عنه ، فكان لا يحسّ بالبلاء ، فستر عليه مرة ، وردّه إليه ، فقال : مسّني الضّرّ (١).
ويقال أدخل على أيوب تلك الحالة ، واستخرج منه هذه القالة ليظهر عليه إقامة العبودية.
ويقال أوحى الله إلى أيوب ـ عليهالسلام ـ أنّ هذا البلاء اختاره سبعون نبيا قبلك فما اخترته إلا لك ، فلمّا أراد كشفه عنه قال : مسنّي الضرّ!
وقيل كوشف بمعنيّ من المعاني فلم يجد ألم البلاء فقال : مسّنى الصرّ لفقدى ألم الضّرّ.
وقال جعفر الصادق : حبس عنه الوحى أربعين يوما فقال : مسنى الضرّ لما لحقه من الضعف بقيام الطاعة فاستجاب إليه بأن ردّ عليه قوّته ليقوم بحقّ الطاعة.
ويقال طلب الزيادة فى الرضا فاستجيب له بكشف ما كان به من ضعف الرضا.
ويقال إن الضرّ الذي شكا منه أنه بقيت عليه بقية ، وبليته كانت ببقيته ، فلمّا أخذ عنه بالكلية زال البلاء ، ولهذا قال (فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ) وكانت نفسه ضرّه ، وردّ عليهالسلامة والعافية والأمل ـ فى الظاهر ـ لمّا ضار مأخوذا بالكلية عنه ، منقّى عن كل بقية ، وعند ذلك يستوى البلاء والعافية ، والوجود والفقد.
__________________
(١) أي ان العبد الواله لا يحس بنفسه وهو فى حال الجمع ، ويحس بها وهو فى حال الغرق. وقد حكى القشيري فى الرسالة أن بعضهم قطعت رجله حيث كانت بها غر غرينة فلم يشعر ، بينما آلت بعضهم قملة .. وهو في حال الفرق.