قوله جل ذكره : (وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (٨٥))
أي واذكر هؤلاء الأنبياء ثم قال : (كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ) ، ثم قال :
(وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (٨٦))
بيّن الحكم والمعنى ؛ الحكم صبرهم وصلاحهم ، والمعنى إدخاله إياهم فى الرحمة.
قوله جل ذكره : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧))
(مُغاضِباً) : على ملك وقته حيث اختاره للنبوة ، وسأله : لم اخترتني؟ فقال : لقد أوحى الله إلى نبيّى : أن قل لفلان الملك حتى يختار واحدا ليرسل إلى نينوى بالرسالة. فثقل على ذى النون لما اختاره الملك ؛ لأنه علم أن النبوة مقرونة بالبلاء ، فكان غضبه عليه لذلك (١).
ويقال مغاضبا على قومه لمّا امتنعوا عن الإيمان وخرج من بينهم.
ويقال مغاضبا على نفسه أي شديد المخالفة لهواه ، وشديدا على أعداء الدين من مخالفيه.
(فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) أي أن لن نضيّق عليه (٢) بطن الحوت ، من قوله : (وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ) (٣) أي ضيّق.
__________________
(١) عن ابن عباس : أراد شعيا النبي والملك حزقيا أن يبعثا يونس إلى ملك نينوى الذي كان قد غزا بنى إسرائيل وسبى الكثير منهم ليكلمه حتى يرسل معه بنى إسرائيل ؛ وكان الأنبياء فى ذلك الزمان يوحى إليهم ، والأمر والسياسة الى ملك قد اختاروه ، فيعمل على وحي ذلك النبي ، وقد أوحى لشعيا : ان قل لحزقيا الملك أن يختار نبيا قويا من بنى إسرائيل إلى أهل نينوى .. فقال يونس لشعيا : هل أمرك الله بإخراجى؟ قال : لا ، قال : فهاهنا أنبياء أمناء أقوياء ، فألحوا عليه .. فخرج مغاضبا للنبى والملك وقومه ، حتى أنى بحر الروم .. وكان من قصته ما كان ، وابتلى ببطن الحوت لتركه أمر شعبا .. قال تعالى (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ)
(٢) (ان لن نضيق عليه) مفقودة فى ص وموجودة فى م والسياق يقتضى وجودها.
(٣) آية ١٦ سورة الفجر