ويقال فظنّ أن لن نقدر عليه من حبسه فى بطن الحوت.
وخرج من بين قومه لمّا أخبر بأنّ الله يعذّب قومه ، وخرج بأهله.
ويقال إن السبع افترس أهله فى الطريق ، وأخذ النّمر ابنا صغيرا له كان معه ، وجاء موج البحر فأغرق ابنه الآخر ، وركب السفينة ، واضطرب البحر ، وتلاطمت أمواجه ، وأشرفت السفينة على الغرق ، وأخذ الناس فى إلقاء الأمتعة فى البحر تخفيفا عن السفينة ، وطلبا لسلامتها من الغرق ، فقال لهم يونس : لا تلقوا أمتعتكم فى البحر بل اطرحوني فيه فأنا المجرم فيما بينكم لتخلصوا. فنظروا إليه وقالوا : نرى عليك سيماء الصلاح ، وليست تسمح نفوسنا بإلقائك فى البحر ، فقال تعالى مخبرا عنه : (فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) (١) أي فقارعهم ، فاستهموا ، فوقعت القرعة عليه.
وفى القصة أنه أتى حرف السفينة ، وكان الحوت فاغزا فاه ، فجاء إلى الجانب الآخر فجاء الحوت إليه كذلك ، حتى جاز كل جانب. ثم لمّا علم أنه مراد بالبلاء ألقى نفسه فى الماء فابتلعه الحوت (وَهُوَ مُلِيمٌ) : أي أتى بما يلام عليه ، قال تعالى : (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ) (٢).
وأوحى الله إلى السمك : لا تخدش منه لحما ولا تكسر منه عظما ، فهو وديعة عندك وليس بطعمة لك. فبقى فى بطنه ـ كما فى القصة ـ أربعين يوما.
وقيل إن السمك الذي ابتلعه أمر بأن يطوف فى البحر ، (وخلق الله له إدراك ما فى البحر) (٣) ، وكان ينظر إلى ذلك.
ويقال إن يونس عليهالسلام صحب الحوت أياما قلائل فإلى القيامة يقال له : ذا النون ، ولم تبطل عنه هذه النسبة .. فما ظنّك بعبد عبده ـ سبحانه ـ سبعين سنة ، ولازم قلبه محبته ومعرفته طول عمره .. ترى أيبطل هذا؟ لا يظنّ بكرمه ذلك!
(فَنادى فِي الظُّلُماتِ ...) يقال ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت ـ هذا بيان
__________________
(١) آية ١٤١ سورة الصافات
(٢) آية ١٤٢ سورة الصافات
(٣) موجودة فى م ومفقودة فى ص