قوله جل ذكره : (فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ (٩٠))
سمى يحيى لأنه حي به عقر أمه.
وقوله : (وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ) : لتكون الكرامة لهم جميعا بالولد ، ولئلا يستبدّ زكريا بفرح الولد دونها مراعاة لحقّ صحبتها .. وهذه سنّة الله فى باب إكرام أوليائه ، وفى معناه أنشدوا :
إنّ الكرام إذا ما أيسروا ذكروا |
|
من كان يألفهم فى المنزل الخشن |
ثم قال : (إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا ..) وفى هذا بشارة لجميع المؤمنين ، لأن المؤمن لا يخلوا من حالة من أحوال الرغبة أو الرهبة ؛ إذ لو لم تكن رغبة لكان قنوطا والقنوط كفر (١) ، ولو لم تكن رهبة لكان أمنا والأمن كفر (٢).
قوله : (وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ) الخشوع قشعريرة القلب عند اطلاع الرب ، وكان لهم ذلك على الدوام.
قوله جل ذكره : (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ (٩١))
يعنى مريم ، وقد نفى عنها سمة الفحشاء وهجنة الذم.
ويقال فنفخنا فيها من روحنا ، وكان النفخ من جبريل عليهالسلام ، ولكن لمّا كان بأمره ـ سبحانه ـ صحّت الإضافة إليه ، وفى هذا دليل على تأويل خبر النزول ، فإنه يكون بإنزال ملك فتصحّ الإضافة إلى الله إذ كان بأمره. وإضافة الروح إلى نفسه على جهة التخصيص. كقوله : (ناقة الله ، وبيتي) .. ونحو ذلك. (وجعلنا وابنها آية للعالمين) : ولم يقل آيتين
__________________
(١) قال تعالى : (وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) ٥٦ الحجر.
(٢) قال تعالى : (فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ) ٩٩ الأعراف