أما ـ الذين أيدهم بقوة العصمة ، وأدركتهم العناية فقد استبصروا ولم يضرهم (١) ذلك.
قوله جل ذكره : (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٤))
إذا أراد الله بعبده خيرا أمدّه بنور التحقيق ، وأيّده بحسن العصمة ، فيميز بحسن البصيرة بين الحق والباطل ؛ فلا يظلّه غمام الرّيب ، وينجلى عنه غطاء الغفلة ، فلا تأثير لضباب الغداة فى شعاع الشمس عند متوع النهار ، وهذا معنى قوله :
(وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ).
قوله جل ذكره : (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٥٦))
لم يتخصص ملكه ـ سبحانه ـ بيوم ، ولم تتحدد له وقتية أمر ، ولا لجلاله قدر (٢) ، ولكنّ الدعاوى فى ذلك اليوم تنقطع ، والظنون ترتفع ، والتجويزات تتلاشى (٣) ؛ فللمؤمنين وأهل الوفاق نعم ، وللكفار وأصحاب الشقاق نقم.
__________________
(١) ضبطناها هكذا ولا بأس ـ من حيث المعنى ـ أن تضبط (ولم يضرهم ذلك) فما حدث من الفتنة لم يلحق بهم ضيرا ولا ضررا ؛ فقد أدركتهم العناية.
(٢) أي أنه يجل عن التحدد بزمان وقدر فهو المطلق الذي لا يتناهى.
(٣) الدعاوى والظنون والتجويزات هى تهم النفس والعقل.