قوله جل ذكره : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٦٤))
الملك له ، وهو عن الجميع غنى ، فهو لا يستغنى بملكه ، بل ملكه بصير موجودا بخلقه إياه ؛ إذ المعدوم له مقدور والمقدور هو المملوك.
ويقال كما أنه (١) غنىّ عن الأجانب ممن أثبتهم فى شواهد الأعداء فهو غنى عن الأكابر وجميع الأولياء.
ويقال إذا كان الغىّ حميدا فمعنى ذلك أنه يعطى حتى يشكر.
ويقال الغنىّ الحميد المستحقّ للحمد : أعطى أو لم يعط ؛ فإنّ أعطى استحقّ الحمد الذي هو الشكر ، وإن لم يعط استحق الحمد الذي هو المدح (٢).
قوله جل ذكره : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٦٥))
أراد به تسخير الانتفاع بها ؛ فما للخلق (٣) به انتفاع وميسّر له فى الاستمتاع به فهو كالمسّخّر له على معنى تمكينه منه ، ثم يراعى فيه الإذن ؛ فمن استمتع بشىء على وجه الإباحة والإذن والدعاء إليه والأمر به فذلك إنعام وإكرام ، ومن كان بالعكس فمكر واستدراج.
وأمّا السفينة .. فإلهام العبد بصنعها ووجوه الانتفاع بها ؛ بالحمل فيها وركوبها فمن أعظم إحسان الله وإرفاقه بالعبد ، ثم ما يحصل بها من قطع المسافات البعيدة ، والتوصل بها إلى المضارب
__________________
(١) هكذا في م وهى فى ص (أنت) وهى خطأ فى النسخ كما هو واضح.
(٢) لاجل هذا نقول فى صلاتنا : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) أي نشكرك فى السراء ، ونمدحك فى الضراء فالحمد أعم والشكر أو المدح أخص.
(٣) وردت هكذا فى م وهى فى ص (للحق) وهى خطأ فى النسخ كما هو واضح.