رخصة الشريعة ـ مما كان حلالا فى وقتهم ، مطلقا مأذونا لهم فيه. وكذلك أعمالهم الصالحة ما كان موافقا لأمر الله فى زمانهم بفنون طاعاتهم فى أفعالهم وعقائدهم وأحوالهم.
قوله جل ذكره : (وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (٥٢))
معبودكم واحد ، ونبيّكم واحد ، وشرعكم واحد ؛ فأنتم فى الأصول شرع سواء ، فلا تسلكوا ثنيات الطرق (١) فتطيحوا فى أودية الضلالة. وعليكم باتباع سلّفكم ، واحذروا موافقة ابتداع خلفكم.
(وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) خافوا مخالفة أمرى ، واعرفوا عظيم قدرى ، واحفظوا فى جريان التقدير سرّى ، واستديموا بقلوبكم ذكرى ، تجدوا فى مآلكم غفرى ، وتحظوا بجميل برّى.
قوله جل ذكره : (فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٥٣))
فمستقيم على حقّه ، وتائه فى غيّه ، ومصرّ على عصيانه وفسقه ، ومقيم على إحسانه وصدقه ، كلّ مربوط بحدّه ، موقوف بما قسم له فى البداية من شأنه ، كلّ ينتحل طريقته ويدّعى بحسن طريقته حقيقة ، وعند صحو سماء قلوب أرباب التوحيد لا غبار فى الطريق ؛ وهم على يقين معارفهم ؛ فلا ريب يتخالجهم ولا شبهة.
وأهل الباطل فى عمى جهلهم ، وغبار جحدهم ، وظلمة تقليدهم ، ومحنة شكهم.
قوله جل ذكره :(فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (٥٤))
إنّ مدة أخذهم لقريبة ، والعقوبة عليهم ـ إذا أخذوا ـ لشديدة ، ولسوف يتبين لهم خطؤهم من صوابهم.
قوله جل ذكره : (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ (٥٦))
__________________
(١) ثنية الطريق ـ منعطفه.