لو لا جوده وفضله لحلّ بهم من البلاء ما حلّ بأمثالهم ، لكنه بحسن الأفضال ، يحفظهم فى جميع الأحوال.
قوله جل ذكره : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٥)) الآيات
هذه صفات من سيّبهم (١) فى أودية الخذلان ، ووسمهم بسمة الحرمان ، وأصمّهم عن سماع الرّشد ، وصدّهم بالخذلان عن سلوك القصد ، فلا تأتيهم آية في الزّجر إلا قابلوها بإعراضهم ، وتجافوا عن الاعتبار بها على دوام انقباضهم ، وإذا أمروا بالإنفاق والإطعام عارضوا بأنّ الله رازق الأنام ، وإن يشأ نظر إليهم بالإنعام : ـ
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ)
ثم قال جل ذكره : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٨) ما يَنْظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (٤٩) فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (٥٠))
يستعجلون هجوم الساعة ، ويستبطئون قيام القيامة ـ لا عن تصديق يريحهم من شكّهم ، أو عن خوف يمنعهم عن غيّهم ، ولكن تكذيبا لدعوة الرسل ، وإنكارا لصحة النبوة ، واستبعادا للنشر والحشر.
ويوم القيامة هم في العذاب محضرون ، ولا يكشف عنهم ، ولا ينصرون.
قوله جل ذكره : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (٥١) قالُوا
__________________
(١) سيبه تركه وخلّاه يسيب حيث شاء (الوسيط).