ويقال لم يكن أوريا قد تزوّج بها بعد ، وقد كان خطبها ، وأجابته في التزوج به ، فخطب داود على خطبته. وقيل بل كانت امرأته وسأله أن ينزل عنها ، فنزل على أمره وتزوجها. وقيل بل أرسل أوريا إلى قتال الأعداء فقتل وتزوّج بها. فلمّا تسوّر الخصمان عليه ، وقيل دخلا من سور المحراب أي أعلاه ولذلك : ـ
(فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ)
نحن خصمان ظلم بعضنا بعضا ، فاحكم بيننا بالعدل :
(إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ (٢٣))
(أَكْفِلْنِيها) أي انزل عنها حتى أكفلها أنا ، (وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ). أي غلبنى ، فقال داود :
(قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ)
فضحك أحدهما في وجه صاحبه ، وصعد إلى السماء بين يديه ، فعلم داود عند ذلك أنه تنبيه له وعتاب فيما سلف منه ، وظنّ واستيقن أنه جاءته الفتنة الموعودة :
(فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب)
أخذ في التضرع ، وجاء في التفسير أنه سجد أربعين يوما لا يرفع رأسه من السجود إلا (للصلاة) (١) المكتوبة عليه ، وأخذ يبكى حتى نبت العشب من دموعه ، ولم يأكل ولم
__________________
(١) (الصلاة) غير واردة في النسختين وقد استعنا بالقرطبي في هذه التكملة (ج ١٥ ص ١٨٥) وقد وجدناها ـ