(ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) من طول الأمل ، (وَما خَلْفَهُمْ) من نسيان الزّلل ، والتسويف في التوبة ، والتقصير في الطاعة.
قوله جل ذكره : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (٢٦))
استولى على قلوبهم الجحد والإنكار ، ودام على العداوة فيهم الإصرار ؛ فاحتالوا بكل وجه ، وتواصوا فيما بينهم بألا يستمعوا لهذا القرآن لأنه يغلب القلوب ، ويسلب العقول ، وكل من استمع إليه صبا إليه.
وقالوا : إذا أخذ محمد في القرآن فأكثروا عند قراءته اللّغو واللغط حتى يقع في السهو والغلط.
ولم يعلموا أن الذي نوّر قلبه بالإيمان ، وأيّد بالفهم ، وأمدّ بالنصرة ، وكوشف بسماع السّرّ من الغيب هو الذي يسمع ويؤمن. والذي هو في ظلمات جهله لا يدخل الإيمان قلبه ، ولا يباشر السماع سرّه (١).
قوله جل ذكره : (فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٧))
اليوم بإدامة الحرمان الذي هو الفراق ، وغدا بالتخليد في النار التي هي الاحتراق.
(ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللهِ النَّارُ لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (٢٨))
لهم فيها الخزي والهوان بلا انقطاع ولا انصرام.
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ
__________________
(١) إذا تذكرنا أن السر أعلى من القلب ومن الروح عرفنا أن «السماع» عند الشيخ ذو مرتبة عالية على عكس ما يظنه المغرضون