أَضَلاَّنا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (٢٩))
من الجنّ إبليس. ومن الإنس قابيل بن آدم فهو أول من سنّ المعصية (حين قتل أخاه) (١).
(نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا) ؛ هذه الإرادة وهذا التمني زيادة في عقوبتهم أيضا ؛ لأنهم يتأذون بتلك الإرادة وهذا التمني ؛ فهم يجدون أنه لا نفع لهم من ذلك إذ لن يجابوا في شىء ، ولن يمنع عنهم العذاب.
ويفيد هذا الإخبار عنهم عن وقوع التبرّى فيما بينهم ، فبعضهم يتبرأ من بعض ، كما يفيد بأن الندم في غير وقته لا جدوى منه.
قوله جل ذكره : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠))
(ثُمَّ) استقاموا : ثم حرف يقتضى التراخي ، فهو لا يدل على أنهم في الحال لا يكونون مستقيمين ، ولكن معناه استقاموا في الحال ، ثم استقاموا في المآل بأن استداموا إيمانهم إلى وقت خروجهم من الدنيا ، وهو آخر أحوال كونهم مكلّفين.
ويقال : قالوا بشرط الاستجابة أولا ، ثم استبصروا بموجب الحجة ، ولم يثبتوا على وصف التقليد ، ولم يكتفوا بالقالة دون صفاء الحالة.
(اسْتَقامُوا) : الاستقامة هي الثبات على شرائط الإيمان بجملتها من غير إخلال بشىء من أقسامها. ويقال : هم على قسمين :
__________________
(١) زيادة من عندنا للتوضيح وليست موجودة بالمتن.