لإطلاق الأخص على الأعم ، كإطلاق منع التأفيف على منع الإيذاء ، وقيل : بل نقل اللفظ لهما عرفا فصار حرق مال اليتيم عرفا يطلق على إضاعته ، وعلى القولين هما من المنطوق. وكثير من العلماء ـ منهم الحنفية ـ على أن الموافقة مفهوم لا منطوق ولا قياسي ، ومنهم من تردد فيجعله تارة مفهوما وأخرى قياسيا كالبيضاوى ، ورأى الصفى الهندى عدم التناقض فكلاهما مسكوت عنه. ورأى ابن السبكى أنهما مختلفان فالمفهوم مدلول اللفظ ، والمقيس غير مدلول له.
وبعد نقل تحرير الجلال المحلى أرى أن الصواب : أنها دلالة لفظية بطريق المفهوم ؛ لأن من يقول : إنها دلالة قياسية يجعل هناك مفهوما أدون ، وسبق ذكر منع ذلك ، وكذلك لو كانت دلالة قياسية لمنعها من يمنع الاحتجاج بالقياس ، ولكنهم احتجوا بها ؛ ولأن من قال بأنها دلالة لفظية بطريق المنطوق فإن هذا يحوجه إلى ارتكاب المجاز أو النقل ، والأصل عدمهما إلا بموجب ولا موجب لهما.
رابعا : شرط مفهوم المخالفة : شرط العمل بمفهوم المخالفة أن يكون القيد فى اللفظ متعينا للاحتراز عما يناقضه ، أى : جاء لإخراج ما عداه ، ولا تكون فائدة غير هذا ، فلو كانت له فائدة غيره قدمناها ؛ لأن هذه الفائدة ستكون ظاهرة ومفهوم المخالفة خفية.
فمن ذلك لو كان القيد لبيان الغالب كما فى قوله تعالى : (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) فقوله تعالى : (فِي حُجُورِكُمْ) لا يعنى أن الربيبة التى ليست فى الحجر جائز نكاحها ، الغالب أن الربيبة تكون فى الحجر. وكذلك قوله تعالى : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) فالبغاء حرام سواء مع الإكراه أو مع عدمه ، وسواء مع إرادتهن أو مع عدمها ، فإنما جاء قيد الإكراه ليصف الواقع الذى كانوا عليه فحسب ، وهذا يعنى أن البغاء مع عدم الإكراه أيضا حرام ؛ لأن القيد ليس للإخراج. وكذلك قوله تعالى : (لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) فقوله تعالى : (مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) ليس معناه أن موالاة الكافرين مع المؤمنين جائزة ، بل موالاة الكافرين على كل حال حرام.
فكل هذه القيود قصد بها فوائد أخرى غير إخراج ما سوى المنطوق ؛ ولذا فهى لا مفهوم لها أى : ليست لها مفهوم مخالفة ، لفقد شرط الاحتجاج به وهو تعين القيد فى إخراج سوى المنطوق ، ومن ثم فالاسم المجرد من القيد والمسمى (اللقب) لا مفهوم له ؛ لأنه لا قيد له ، وهذا هو الصحيح عند العلماء.
خامسا : الصحيح أن طريق الدلالة فى