مطلق القرآن ومقيده
أولا : ما هو المطلق :
هو لغة : (التحرر من القيد). واصطلاحا :
(اللفظ الدال على الماهية بلا قيد من وحدة أو غيرها) كذا عرّفه ابن السبكى وغيره.
وبعضهم يقيد الماهية فيقول : (الماهية من حيث هى). ويتساوى فى ذلك جعلنا الماهية المقرونة بالعوارض عين هوية الموجود فى الخارج ، فتصير الإنسانية هى عين هوية المشخص (محمد) ، أو جعلنا الماهية جزءه ـ كاختيار بعض الحكماء ـ ففي الحالتين يكون طلب المطلق من العبد شرعا بأن قال له الشارع : اعتق رقبة ، فإن هذا المطلق يتحقق فى فرد ذى هوية مخصوصة ؛ لأن الماهية المجردة من المشخصات لا يمكن طلبها من العبد ؛ لعدم تمكنه من تحصيلها فى الخارج إلّا بالهوية المخصوصة فى فرد خارجى.
وعليه لم تكن هناك حاجة لعدول الآمدى لتعريفه المطلق بأنه (لنكرة فى الإثبات) ، وعدول تلميذه إلى تعريفه بأنه : (ما دلّ على شائع فى جنسه) ؛ لأن ما قالاه أمر كلى ذهنى لا يحصل فى الخارج مجردا ، ولأن التعريفات وضعت للوصول للحقيقة لا لما فى الخارج.
وقد أحسن صاحب «الكشف» فى تفريقه بين بعض الألفاظ فقال : «الماهية فى ذاتها لا واحدة ولا متكثرة ، واللفظ
الدال عليها من غير تعرض لقيد ما هو المطلق ، ومع التعرض لكثرة معينة هو اسم العدد ، وغير معينة هو العام ، ولوحدة معينة هو المعرفة ، ولوحدة غير معينة هو النكرة».
ثانيا : حكم المطلق مع المقيد :
الأقسام الممكنة فى مسألة حمل المطلق على المقيد أو عدمه تأتى من النظر إلى الحكم والسبب فى المطلق والمقيد ، وهما :
المطلق والمقيد إما أن يتفقا فى الحكم والسبب ، وإما أن يختلفا فيهما ، وإما أن يتفقا فى الحكم ويختلفا فى السبب ، أو العكس ، فالأقسام أربعة ، وكل قسم منها إمّا أن يكون المطلق والمقيد مثبتين وإمّا منفيين وإما أحدهما مثبتا والآخر منفيا. فمجموع