قصص القرآن
القصص : مصدر كالقص أو اسم مصدر منه. وقصّ فلان الشيء ـ من باب قتل ـ إذا تتبع أثره ، وفى التنزيل : (وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ) (١) ، وخرج فلان فى إثر فلان قصصا ومنه : (فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً) (٢) ، وقصّ الخبر : حدث به على وجهه ، والقصة ـ بالكسر ـ الشأن والأمر ، ولم يأت فى القرآن لفظ القصة ولكن أتى لفظ (القصص) : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُ) (٣) ، وسواء كان هذا اللفظ مصدرا أو اسم مصدر فهو بمعنى المفعول أى : الخبر المقصوص المحدّث به على وجهه. وقد أخطأ بعض الباحثين عند ما يطلبون فى القصص القرآنى أن يستكمل أركان القصة بالمعنى المحدث التى هى مستمدة من الخيال ومبنية على قواعد فنون الكتابة (٤) ؛ وذلك لأنهم لم يفرقوا بين القصة بمعنى الحكاية والقصة بمعنى الخبر المحدث به على وجهه ، والثانى هو المراد فى القصص القرآنى ؛ لأن الأشخاص والزمان والمكان ليست بالضرورة أركانا للخبر المحدث به ، فقد يبهم المكان والزمان كما فى قوله تعالى :
(وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ) (٥) ، وقد يبهم الزمان كما فى قوله تعالى : (ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ) (٦) ، وقد يبهم الشخص أو الأشخاص كما فى قوله تعالى : (إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ) (٧) ، فالذى يجب وجوده فى القصص القرآنى هو الحدث والعبرة ، أما بقية عناصر القصة المحدثة فإنما توجد بحسب الحاجة إليها وأهميتها فى القصة (الخبر) ، فلو كان للشخصية مدخل كبير فى الحدث فإنها تذكر كمريم ـ عليهاالسلام ـ فى قصتها ، والهدهد فى قصة سبأ ، وكثيرا ما تأتى الشخصية بصورة التنكير كما فى قصة النملة ، لأن الحدث مبناه منطق النملة وسماع سليمان عليهالسلام لها. وقد يهتم بإبراز الزمان كما فى قصة أهل الكهف فى قوله تعالى : (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً) (٨) وكذلك فى قوله تعالى :
(فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ) (٩) فالزمان المذكور إنما يذكر بمقدار ما يحتاجه الحدث.