الاقتباس من القرآن
الاقتباس : هو تضمين الشعر أو النثر بعض القرآن لا على أنه منه بأن لا يقال فيه : قال الله تعالى ونحوه ، فإن ذلك حينئذ لا يكون اقتباسا ، وقد اشتهر عن المالكية تحريمه وتشديد النكير على فاعله. وأما الشافعية فلم يتعرض له الأقدمون ولا أكثر المتأخرين مع شيوع الاقتباس فى عصورهم ، واستعمال الشعراء له قديما وحديثا.
وقد تعرض له جماعة من المتأخرين ، فسئل عنه الشيخ عز الدين بن عبد السلام فأجازه ، واستدل له بما ورد عن النبى صلىاللهعليهوسلم من قوله فى الصلاة وغيرها «وجهت وجهى للذى فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين» (١) وقوله : «اللهم فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا اقض عنى الدين وأغننى من الفقر» (٢).
وفى سياق كلام لأبى بكر الصديق رضي الله عنه :
«وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون» (٣) وفى آخر حديث لابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ : «قد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة» (٤).
قال السيوطى : «وهذا كله إنما يدل على جوازه فى الشعر وبينهما فرق. فإن القاضى أبا بكر من المالكية صرح بأن تضمينه فى الشعر مكروه ، وفى النثر جائز. واستعمله أيضا فى النثر القاضى عياض فى مواضع من خطبة الشفاء. وقال الشريف إسماعيل ابن المقرى اليمنى صاحب مختصر الروضة فى شرح بديعته ما كان منه فى الخطب ، والمواعظ ، ومدحه صلىاللهعليهوسلم وآله وصحبه ، ولو فى النظم فهو مقبول ، وغيره مردود. ثم قال :
والاقتباس ثلاثة أقسام : مقبول ، ومباح ، ومردود. فالأول : ما كان فى الخطب والمواعظ والعهود ، والثانى : ما كان فى الغزل ، والرسائل والقصص. والثالث : على ضربين :
أحدهما ما نسبه الله إلى نفسه ، ونعوذ بالله ممن ينقله إلى نفسه كما قيل عن أحد بنى مروان أنه وقع على مطالعة فيها شكاية عماله : «إن إلينا إيابهم. ثم إن علينا حسابهم» (٥). والآخر : تضمين آية فى معنى هزل ، ونعوذ بالله من ذلك كقوله :