الإيضاح
ومن الإطناب فن يقال له الإيضاح ، والإيضاح والتوضيح لغة : الكشف والإبانة ـ ورفع الغموض يقال : وضح الشيء وضوحا إذا ظهر وانكشف ، وأوضحه ووضحه. أبانه وأظهره ، وأزال ما به من غموض (١). ومنه :
الضحى ؛ لأنه أول النهار بعد ذهاب الليل.
أما تعريف الإيضاح بلاغة ، فقد عرفه ابن أبى الأصبع بقوله :
«هو أن يذكر المتكلم كلاما فى ظاهره لبس ، ثم يوضحه فى بقية كلامه» (٢).
وتناقل البلاغيون عن ابن أبى الأصبع هذا التعريف كابن مالك (٣). والنويرى (٤) ، والعلوى (٥) ، والحموى (٦) ، والسيوطى (٧) ، والمدنى (٨).
وفرق ابن أبى الأصبع بين التفسير ، وبين الإيضاح بأن التفسير البديعى هو تفصيل المجمل مثل :
ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها |
|
شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر |
أما الإيضاح فخاص برفع ما يظهر فى الكلام من لبس وإشكال فيه لفتا للذهن عند سماع الكلام.
والإيضاح ورد فى كتاب الله العزيز مرات ، وكان له دلالات حكيمة ، اقتضاها المقام ، فمن ذلك قوله تعالى :
(كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) (٩).
هذه الآية تتحدث عن نعيم أهل الجنة وطعامهم وأنهم يقولون كلما يرزقون طعاما.
(هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ).
لكن كلامهم هذا الذى حكاه الله عنهم يثير فى نفس السامع تساؤلا فحواه :
هل طعام أهل الجنة نوع واحد يتناولونه فى كل وجبة لا يتغير؟ ومتعة الطعام فى تنوعه لا فى توحده؟!
ولكن لما قال عزوجل :
(وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) ارتفع ذلك التساؤل لأن هذه العبارة أفادت أن طعام أهل الجنة متنوع مختلف لكنه متشابه ، فوضح الأمر ؛ لذلك كان قوله سبحانه.
(وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) إيضاحا ؛ لأنه رفع الإشكال الذى ثار فى الذهن من قولهم :