الاحتباك
الاحتباك لغة : هو شد الإزار ، وكل شىء أحكمته وأحسنت عمله فقد احتبكته ، والحبك الشد والإحكام (١) وقد يستعمل الحبك بمعنى الزينة ، وبها فسروا قوله تعالى :
(وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ) (٢).
أما فى الاصطلاح البلاغى ، فقد بين الإمام جلال الدين السيوطى الصلة بينه وبين المعنى اللغوى فقال :
«ومأخذ هذه التسمية من الحبك ، الذى معناه : الشد والإحكام ، وتحسين أثر الصنعة فى الثوب. فحبك الثوب سدّ ما بين خطوطه من الفرج ... بحيث يمنع عنه الخلل مع الحسن والرونق.
وبيان أخذه منه أن مواضع الحذف فى الكلام شبّهت بالفرج بين الخيوط. فلما أدركها الناقد البصير بصوغه الماهر فى نظمه وحبكه ، فوضع المحذوف مواضعه ، كان حابكا له ، مانعا من خلل يطرقه ، فسدّ بتقديره ما يحصل به الخلل مع ما أكسبه من الحسن والرونق».
ثم عرفه باسم «الاحتباك» وقال : «إنه من ألطف الأنواع وأبدعها» (٣).
وسماه الإمام الزركشى : الحذف :
المقابلى. وعرّفه فقال : «هو أن يجتمع فى الكلام متقابلان ، فيحذف من واحد منهما مقابله (فى الآخر) لدلالة الآخر عليه» (٤) ومن أمثلته فى القرآن الصور الآتية.
(قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ) (٥)
والمعنى : فإن افتريته فعلىّ إجرامى وأنتم برآء منه ، أى من إجرامى ، وعليكم إجرامكم وأنا برىء منه. فقد حذف من الثانى «وأنا برىء» أى من إجرامكم لدلالة الأول عليه.
وقوله تعالى : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) والمعنى : الله أحق أن ترضوه ، ورسوله أحق أن ترضوه.
فحذف من الأول (أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) لدلالة الثانى عليه الواقع خبرا عن «رسوله» وهو : (أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ).