* اعتبار ما كان : مثل قوله تعالى :
(وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ) أى الذين كانوا يتامى قبل أن يبلغوا سن الرشاد. أما عند بلوغهم سن الرشاد ، فهم ليسوا يتامى ، والسر البلاغى فى هذا المجاز حث أوصياء اليتامى على المبادرة على دفع أموال من كانوا أوصياء عليهم ، فور بلوغهم راشدين ، حتى لكأنهم سلموا لهم أموالهم وهم يتامى.
* اعتبار ما سيكون : ومثالها من القرآن الكريم قوله تعالى :
(إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً) (٨) والخمر لا يعصر ؛ لأنه معصور فعلا ، لكن المعنى : أرانى أعصر عنبا يصير خمرا. فالعلاقة اعتبار ما سيكون ، والسر البلاغى فى هذا المجاز الإسراع إلى التنفير من الخمر ، فهو مجاز مرسل علاقته اعتبار ما سيكون.
* السببية ؛ ومثالها من القرآن الكريم قوله تعالى (وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً) (٩) أى ماء هو سبب الرزق. فقد طوى السبب ، وأريد المسبب والسر البلاغى فى هذا المجاز هو إظهار الامتنان على العباد.
* الآلية ، ومن علاقات المجاز المرسل الآلية والآلة هى التى تستعمل فى إيجاد الحدث ومن هذا النوع فى القرآن الكريم قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) (١٠).
والمجاز المرسل فى كلمة (بِلِسانِ) حيث أريد منها : اللغة ، و (بِلِسانِ قَوْمِهِ) معناها :
لغة قومه. والذى سوّغ استعمال اللسان فى معنى اللغة ، أن اللسان هو آلة أو أداة اللغة فالعلاقة فى هذا المجاز هى الآلية. وقد ظل استخدام اللسان بمعنى اللغة ، حتى منتصف القرن الثامن الهجرى. وما يزال يستخدم فى هذا المعنى.
* المكانية : ومن علاقات المجاز المرسل علاقة المحل أو المكان. بأن يطلق المحل أو المكان ، ويراد الحالّون فيه. ومن أمثلته فى القرآن الكريم قوله تعالى :
(فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ) (١١) والسماء والأرض ليستا من العقلاء حتى تبكيا ، والمعنى : فما بكى عليهم أهل السموات ، يعنى الملائكة ، ولا أهل الأرض ، يعنى الناس ، ففي السموات والأرض مجاز مرسل علاقته المكانية أو المحلية.
والمجاز المرسل كثير الورود فى القرآن الكريم ، وله علاقات أخرى غير ما تقدم (١٢).
أ. د. عبد العظيم إبراهيم المطعنى
الهوامش :
__________________
(١) اللسان والمعاجم اللغوية ، مادة : رسل.
(٢) حاشية الدسوقى ضمن شروح التلخيص (٤ / ٢٩).
(٣) الإيضاح (٢٧٠).
(٤) أسرار البلاغة (٣٥٠).
(٥) البرهان الكاشف (١٠٢) والبرهان فى علوم القرآن (٢ / ٢٥٨).
(٦) معترك الأقران (٢ / ٢٤٨).
(٧) البقرة (١٩).
(٨) يوسف (٣٦).
(٩) غافر (١٣).
(١٠) إبراهيم (٤).
(١١) الدخان (٢٩).
(١٢) شروح التلخيص (٤ / ٢٩).