الاستعارة التّصريحيّة
التصريح لغة : الإبانة والإظهار ، ضد الغموض والإخفاء (١) أما فى الاصطلاح البلاغى فهى .. ما صرّح فيها بلفظ المشبه به دون المشبه .. (٢)
أو هى كما قال السكاكى : «أن يكون الطرف المذكور من طرفى التشبيه هو المشبه به» (٣).
وأساس هذا التقسيم للاستعارة إلى تصريحية وغيرها هو قولهم :
«الاستعارة تشبيه حذف أحد طرفيه» وطرفا التشبيه هما : المشبه والمشبه به. وعلى هذا قالوا : إن الاستعارة التصريحية هى ما كان المذكور فيها من طرفى التشبيه هو المشبه به ، والمحذوف هو المشبه ، وهذا موضع إجماع عند البلاغيين (٤).
فهى عندهم «أن تعتمد نفس التشبيه ، وهو أن يشترك شيئان فى وصف ، وأحدهما أنقص من الآخر ، فيعطى الناقص اسم الزائد ، مبالغة فى تحقيق ذلك الوصف كقولك : رأيت أسدا ، وأنت تعنى رجلا شجاعا ، وغنت لنا ظبية ، وأنت تريد امرأة» (٥).
وقد حفل القرآن الكريم بصور لا حصر لها من الاستعارة التصريحية. ومن ذلك قوله تعالى :
(كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (٦) أى من الضلال إلى الهدى. استعير لفظ «الظلمات» للضلال ، لتشابههما فى عدم اهتداء صاحبهما ، وكذلك استعير لفظ «النور» للإيمان لتشابههما فى الهداية» (٧).
وهما استعارتان تصريحيتان ؛ لأن كلا من الظلمات والنور هما المشبه به ، وهو المذكور فى الكلام. أما المشبه ، وهما : الضلال والإيمان فقد حذفا من الكلام.
والقرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقى للظلمات والنور حالية تفهم من المقام ، إذ ليس المراد أن يخرجهم من ظلام حسى ، إلى نور حسى. بدليل قوله تعالى فى عجز الآية :
(إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)
وفى الصراط هنا استعارة تصريحية ؛ لأن المراد منه دين الله عزوجل. شبه بالصراط وهو الطريق الحسى ، تصويرا للمعنوى المدرك