الكناية
تدور مادة كنى فى اللغة حول معانى الخفاء والستر والتغطية وعدم التصريح (١).
أما فى اصطلاح البلاغيين فهى :
«لفظ أطلق وأريد به لازم معناه مع جواز إرادة معناه الأصلى» (٢).
وهذا كلام الخطيب فى الإيضاح مع تصرف يسير بالزيادة أضفناه بقصد التوضيح.
وقبل الخطيب تباينت عبارة أهل العلم فى تعريف الكناية تباينا واسعا.
والكناية من الأساليب البديلة ، مثل المجاز ، يعدل إليها عن اللفظ الأصلى لنكتة بلاغية ، تجعل التعبير بها أولى أو أوجب من التعبير باللفظ الذى وضع فى أصل اللغة للدلالة عن المعنى.
والبلاغيون قسموا الكناية بحسب المعنى الذى تدل عليه ثلاثة أقسام :
* كناية عن موصوف لم يصرح به فى الكلام.
* كناية عن صفة لم يصرح بها فى الكلام.
* كناية عن نسبة بين أمرين غير مصرح بها فى الكلام. ومعنى قولهم فى تعريف الكناية :
«لفظ أطلق وأريد به لازم معناه ، مع جواز إرادة المعنى الأصلى ، يتضح من تحليل العبارة الآتية : فلان كثير الرماد».
كان العرب يخبرون بهذه العبارة عن الشخص الذى يريدون وصفه بكثرة الكرم والبذل والعطاء والعلاقة بين كثرة الكرم وكثرة الرماد ، هى الانتقال من كثرة الرماد إلى كثرة إيقاد النار ، ثم الانتقال من كثرة إيقاد النار إلى كثرة طهو الطعام وإنضاج اللحم ، ومن هذا ينتقل إلى كثرة الآكلين (الضيوف) ومن كثرة الضيوف إلى كثرة الكرم ، وهو المطلوب.
ولا يمتنع إرادة كثرة الرماد مع إرادة المعنى الكنائى ، الذى هو المراد من الكناية أساسا ، وإرادته ليست بلازمة فى الدلالة على الكرم ، لأن الإنسان قد يكون كريما من غير كثرة الرماد كأن يجود بأشياء أخرى كالنقود وغيرها.
وسمى هذا التعبير كناية ؛ لأنه لم يصرح فيه بلفظ الكرم بل أخفى هذا الوصف.