البديع
البديع فى اللغة ، هو الجديد والطريف والمخترع (١) أما فى اصطلاح البلاغيين.
فهو : علم يعرف به وجوه تحسين الكلام (٢).
وهو العلم الثالث من علوم البلاغة : المعانى والبيان ثم البديع. ومنزلته بين علوم البلاغة أن علمى المعانى والبيان علمان أساسيان فى بلاغة الكلام. ويأتى البديع يزيد الكلام البليغ حسنا راجعا إلى المعانى أولا ، ثم إلى الألفاظ ثانيا. أو حسنا راجعا إلى الألفاظ أولا ثم إلى المعانى ثانيا.
وعلى هذا الاعتبار قسموا البديع قسمين :
أحدهما البديع المعنوى كالطباق والمقابلة ومراعاة النظير ، والثانى : لفظى كالجناس والسجع (٣).
وقد وضعوا لقبوله فى الكلام شروطا منها :
* عدم الإكثار منه ، وترك الإسراف فيه.
* ألا يكون متكلفا بل يقبل منه ما جرى على الطبع وعلى أساس هذا نقدوا كثيرا من الشعراء لإسرافهم فى الألوان البديعية ، وتكلفهم بعض صوره فى شعرهم وقالوا إن المسرف فيه يكون عرضة للذم وكثرة الخطأ.
أما بديع القرآن فسوف نتناول أطرافا منه من خلال بعض آيات القرآن الكريم لنثبت بالأدلة القاطعة إنه كثير جدا فى القرآن الكريم ، ومع هذه الكثرة لا نقول إنه سلم من كل عيب فحسب ، بل هو سمة من سمات الإعجاز فى كتاب الله العزيز. وهذا هو الفرق بين كلام الله وكلام البشر.
نعرض فى هذا المبحث نصوصا من القرآن الكريم ، محاولين توضيح ما فيها مما أطلقوا عليه «بديعا» سواء دخل عندهم فى المعنوى ، أو اللفظى ، ولنبدأ بقوله تعالى :
(إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) (٤).