قربك منذ ليلتين أو ثلاثا ، فأنزل الله عزوجل : (وَالضُّحى (١) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (٢) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى)».
وروى الواحدى (٦٣) عن حفص بن سعيد القرشى ، قال : حدثتنى أمى عن أمها خولة ، وكانت خادمة رسول الله صلىاللهعليهوسلم. «أن جروا دخل البيت ، فدخل تحت السرير فمات ، فمكث نبى الله صلىاللهعليهوسلم أياما لا ينزل عليه الوحى ، فقال : يا خولة ما حدث فى بيتى؟ جبريل عليهالسلام لا يأتينى ، قالت خولة ، لو هيأت البيت وكنسبته فأهويت بالمكنسة تحت السرير ، فإذا شىء ثقيل ، فلم أزل حتى أخرجته فإذا جرو ميت ، فأخذته فألقيته خلف الجدار ، فجاء نبى الله صلىاللهعليهوسلم ترعد لحياه ، وكان إذا نزل عليه الوحى استقبلته الرعدة ، فقال : يا خولة دثرينى.
فأنزل الله تعالى : (وَالضُّحى (١) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (٢) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى)».
وقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمهالله تعالى أن هذه القصة رواها الطبرانى بإسناد فيه من لا يعرف ، ثم قال : «وقصة إبطاء جبريل بسبب كون الكلب تحت السرير مشهورة ، لكن كونها سبب نزول الآية غريب ، بل شاذ مردود بما فى الصحيح ، والله أعلم» (٦٤).
(د) أن يأتى فى الآية روايتان صحيحتان :
وكل منهما نص فى سبب نزولها ، لكن فى إحداهما ما يرجحها على الأخرى مثل كونها أصح من الأخرى ، أو أن راويها كان حاضرا مشاهدا للقصة بخلاف الآخر ، فعندئذ يؤخذ فى سبب النزول بالرواية الراجحة دون الرواية المرجوحة.
مثال ذلك : ما ورد فى سبب نزول قول الله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) الإسراء / ٨٥.
فقد أخرج البخارى (٦٥) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : «بينا أنا مع النبى صلىاللهعليهوسلم فى حرث ، وهو متكئ على عسيب (٦٦) ـ إذ مر اليهود ، فقال بعضهم لبعض : سلوه عن الروح ، فقال : ما رابكم إليه؟ ـ وقال بعضهم : لا يستقبلكم بشيء تكرهونه ـ فقالوا : سلوه ، فسألوه عن الروح ، فأمسك النبى صلىاللهعليهوسلم فلم يرد عليهم شيئا ، فعلمت أنه يوحى إليه ، فقمت مقامى ، فلما نزل الوحى قال : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً)».
وأخرج الترمذى (٦٧) وصححه عن ابن عباس رضى الله عنهما قال : «قالت قريش ليهود : أعطونا شيئا نسأل هذا الرجل ، فقالوا : سلوه عن الروح ، قال : فسألوه عن