تعدد المنزّل من القرآن والسبب واحد
وكما تتعدد الروايات فى أسباب الآية الواحدة ، فإنه قد تتعدد الآيات النازلة على سبب واحد.
مثال ذلك : ما أخرجه الحاكم (٧٦) وصححه عن مجاهد ، عن أم سلمة رضى الله عنها ، قالت : «قلت يا رسول الله : يذكر الرجال ، ولا يذكر النساء؟ فأنزل الله عزوجل : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) الآية ـ الأحزاب / ٣٥ ـ وأنزل : (أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ) آل عمران / ١٩٥».
ومن هذا القبيل : ما ورد عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضى الله عنهما (٧٧) قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى ظل حجرة ، وقد كاد الظل أن يتقلص ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم :
«إنه سيأتيكم إنسان فينظر إليكم بعين شيطان ، فإذا جاءكم فلا تكلموه ، فلم يلبثوا أن طلع عليهم رجل أزرق أعور ، فقال حين رآه دعاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : علام تشتمنى أنت وأصحابك؟ فقال : ذرنى آتك بهم ، فانطلق فدعاهم ، فحلفوا ما قالوا وما فعلوا ...
فأنزل الله عزوجل : (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ) المجادلة / ١٨».
وفى القصة نفسها أورد ابن جرير : عن ابن عباس رضى الله عنهما قوله : «كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم جالسا فى ظل شجرة ، فقال : «إنه سيأتيكم إنسان ، فينظر إليكم بعينى شيطان ، فإذا جاء فلا تكلموه». فلم يلبث أن طلع رجل أزرق ، فدعاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «علام تشتمنى أنت وأصحابك؟» فانطلق الرجل فجاء بأصحابه فحلفوا بالله ما فعلوا ، حتى تجاوز عنهم ، فأنزل الله عزوجل : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا) التوبة / ٧٤» ثم نعتهم جميعا إلى آخر الآية (٧٨).