النسخ فى القرآن
(١) [معانى النسخ فى اللغة]
معانى النسخ فى اللغة تدور حول : الرفع والإزالة ، والنقل والتبديل والتحويل (١).
يقال : نسخت الشمس الظّلّ أى : أزالته ورفعته ؛ فإن الظل لا يبقى فى ذلك المكان بعد وجود الشمس فيه.
ويقال : نسخت الكتاب ، أى نقلت مثل ذلك المكتوب إلى محل آخر.
وقد استعمل القرآن الكريم مادة النسخ فى هذه المعانى وما يماثلها.
أما الرفع والإزالة فقد جاء فى قوله تعالى : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة : ١٠٦. وقوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) الحج : ٥٢.
وأما النقل فقد جاء فى قوله تعالى : (هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) الجاثية : ٢٩.
أى : ننقله بعناية ودقة ، ونثبته فى كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.
وأما التبديل والتحويل فقد جاء فى قوله تعالى : (وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) النحل : ١٠١.
(٢) [اختلاف العلماء فى تعريف النسخ]
وقد اختلف علماء الفقه والأصول فى تعريف النسخ اختلافا كثيرا ، نختار أهمها وأولاها بالقبول :
(أ) عرفه السمرقندى فى كتابه «ميزان الأصول» (٢) بقوله : (هو بيان انتهاء الحكم الشرعى المطلق ـ الذى فى تقدير أوهامنا استمراره لولاه ـ بطريق التراخى) أه.
(ب) وعرفه الآمدى فى كتابه : «الإحكام فى أصول الأحكام» (٣) فقال : (هو عبارة عن خطاب الشارع المانع من استمرار ما ثبت من حكم خطاب شرعى سابق). أه.
(ج) والتعريف الأشهر والأيسر أن يقال فيه : هو رفع الحكم الشرعى بدليل شرعى متأخر عنه.