على أبعاد ثابتة فى مجموعاتها التى تنتمى إليها ، أى أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ قد عادل وساوى بين تأثير قوى التجاذب الرابطة للأجرام السماوية وتأثير حركاتها المكتسبة من قوى الخلق والرفع ، فحفظها ذلك من السقوط بتأثير القوى الرافعة ، كما حفظها من التفرق بتأثير القوى الرابطة ، وهكذا انتظمت مكونات الكون الهائل فى نظام بديع يحكم حركتها ، ويمنع تصادمها رغم كثرتها ، ويحفظ اتزانها واستقرارها فى أفلاكها إلى ما شاء الله. قال تعالى : (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (١٨).
ويؤكد القرآن الكريم فى آيات أخرى هذه الحقيقة الكونية وارتباط الاتزان الكونى بإرادته ومشيئته المطلقة ، فيقول تعالى : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) (١٩) ويقول جل وعلا :
(وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) (٢٠).
ولم يتوصل العلم إلى إظهار هذه الحقيقة الكونية عن اتزان الأجرام السماوية إلا بعد نزول القرآن الكريم بأكثر من ألف عام ، وذلك عند ما اكتشف العالم الإنجليزى «إسحاق نيوتن» فى عام ١٦٦٧ م قانون الجذب الكونى بين جميع الكتل المادية لتفسير حركة الكواكب حول الشمس ، وحركة الأقمار حول الكواكب ، ثم أثبتت التجارب العملية صحة هذا القانون فى عالم القياسات العادية. وقام على أساسه الكثير من الكشوف والاختراعات التى أفادت منها البشرية فى مختلف المجالات ، وخاصة فى مجال تطوير أبحاث الفضاء وإطلاق الأقمار الصناعية التى تدور حول الأرض فى مدارات مختلفة بحسب الأغراض التى صنعت من أجلها.
ويخبرنا الحق ـ عزوجل ـ بأن نهاية العالم عند ما تحين الساعة ستكون بإيقاف هذه السنن والنواميس والقوانين التى اهتدى الإنسان إلى معرفة بعضها. من ذلك مثلا : أن تعطيل قوانين الحركة والجاذبية بأمر من الله من شأنه أن يحدث انشقاقا واختلالا فى توازن النظام الكونى يتبعه اضطراب فى حركة الأجرام السماوية بعد انقطاع خيط الجاذبية الكونية الذى كان يربط بينها.
ولا يمكن للعلم البشرى أن يحيط بحقائق هذا اليوم العصيب ، ولا يملك أن يزيد شيئا إلا من خلال ما توحى به النصوص القرآنية فى ضوء ما يتوصل إليه العلماء من حقائق.
علمية ، فمن المقبول عقلا أن يؤدى انفراط عقد الأجرام السماوية إلى تناثرها وتصادمها