وقد أثبت العلم أن اختلاف كل من تركيب التربة والمراعى التى يسكنها النحل يؤثر تأثيرا كبيرا فى لون العسل ، كما أن العلماء لا يزالون يجدّون فى كشف المزيد من الفوائد الغذائية والعلاجية لعسل النحل بعد أن تأكدت فعاليته فى قتل الجراثيم وزيادة المناعة والتئام الجروح. فتبارك الخالق العليم الذى ألهم النحل لتأكل من كل الثمرات وتسلك سبل ربها ، على صغر جرمها ، ذللا ، لطفا بها فيما هى محتاجة إليه ليهنأ عيشها ، ثم تخرج ما فى بطونها من شمع أبيض وعسل مختلف ألوانه (فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
٨ ـ فى عالم الطيور :
قال تعالى : (أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٤١).
تلفت هذه الآية الكريمة أنظار المؤمنين إلى آيات الإعجاز فى طيران الطيور ، وتدعو أصحاب العقول الراجحة إلى تأمل حكمة الخالق ـ جلت قدرته ـ فهو الذى خلق جميع الكائنات الحية والجامدة وأودع فيها خصائصها ، وهو الذى خلق قانون الجاذبية بين الأجرام التى يجذب بعضها بعضا ، ولكنه ، وهو اللطيف الخبير بحاجات خلقه ، يسّر الطيور لما خلقت له ، فأودع فى أجسامها من آيات الخلق والبناء ، ومما فطرها عليه من حسن الأداء ، ما يجعلها تتغلب على قانون الجاذبية وتحلق حرة طليقة فى جو السماء (ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللهُ).
وتتحلى الطيور عامة بخصائص مهمة لا بدّ من توفرها فى أية آلة طائرة ، مثل خفة الوزن ومتانة البناء وانسياب الجسم ودقة الاتزان.
فهياكل الطيور العظمية خفيفة للغاية ، حيث لاحظ علماء البيولوجيا أن بعض الأجزاء قد اختصر والتحم بعض عظامها ببعض ، وتحول معظمها إلى أنابيب رقيقة جوفاء ، لكنها فى الوقت نفسه متينة ومرنة وقادرة على تحمل القوى المفاجئة التى يتعرض لها الطائر أثناء مناوراته البهلوانية فى الجو. أما رءوس الطيور فقد صغرت وخلت من الأسنان ، ومن ثمّ لم تعد بحاجة إلى فكين ثقيلين وعضلات كبيرة لتحريكهما ، فجمجمة الحمامة مثلا تزن سدس ما تزنه جمجمة الفأر الكبير ، وطائر الفرقاط (أى الطائر البارجة ، أو الطائر العملاق) الذى يبلغ طول ما بين طرفى جناحيه المبسوطين أكثر من مترين ، لا يزن هيكله العظمى كله أكثر من ١١٣ جراما تقريبا ، أى أقل من وزن ريشه. وقد عبّر أحد العلماء عن الإبداع فى بناء جمجمة الطيور بقوله : إنها شعر منظوم فى عظام.