وقال الراغب : هى الناقة ، إذا ولدت عشرة أبطن شقوا أذنها ، فيسيبونها ، فلا تركب ، ولا يحمل عليها (٢١).
وعن ابن عباس : «إذا نتجت الناقة خمسة أبطن .. نظروا إلى الخامس ؛ فإن كان ذكرا ذبحوه ، فأكله الرجال دون النساء ، وإن كان أنثى جدعوا أذانها ، فقالوا هذه بحيرة» (٢١).
وقال الأزهرى : قال أبو إسحاق النحوى :
أثبت ما رويناه عن أهل اللغة ، فى البحيرة ، أنها : الناقة ، كانت إذا نتجت خمسة أبطن ، فكان آخرها ذكرا ، بحروا أذنها ، أى شقوها ، وأعفوا ظهرها من الركوب والحمل والذبح ، ولا تحلأ عن ماء ترده ، ولا تمنع من مرعى ، وإذا لقيها المعيى المنقطع به : لم يركبها.
والصواب : هو الأول. أى الناقة التى ولدت عشرة أبطن (٢١).
وعن زيد بن أسلم ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال (٢٢) : «قد عرفت أول من بحر البحائر ، رجل من بنى مدلج ، كانت له ناقتان ، فجدع آذانهما ، وحرم ألبانهما وظهورهما ، وقال :
هاتان لله. ثم احتاج إليهما ، فشرب ألبانهما ، وركب ظهورهما ، قال : فلقد رأيته فى النار ، يؤذى أهل النار ريح قصبه» (٢٣).
١٣ ـ البرّ
قال الراغب الأصفهانى : البرّ خلاف البحر ، وتصوّر منه التوسع ، فاشتق منه البرّ.
وعلى ذلك : فالبرّ ، التوسع فى فعل الخير ، وينسب ذلك إلى الله تارة ، نحو (إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) (الطور : ٢٨). وإلى العبد تارة ، فيقال : برّ العبد ربّه ، أى : توسع فى طاعته.
فهو من الله : الثواب ، ومن العبد : الطاعة.
وهو ضربان : ضرب فى الاعتقاد ، وضرب فى الأعمال ، وقد اشتمل عليهما قوله تعالى :
(لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ ..) الآية (البقرة : ١٧٧) ؛ حيث إن الآية متضمنة :
للاعتقاد ، والأعمال والفرائض ، والنوافل (٢٤).
وقد اختلف العلماء فى معنى البر على أقوال ، قال بعضهم : البر : الصدق والطاعة.
وقال بعضهم : البر : الصلاح. وقال بعضهم :
البر : الخير. وقال بعضهم : البر : التقى. وقال بعضهم : البر : كل ما تقرب به إلى الله تعالى.
وقال بعضهم : البر : خير الدنيا والآخرة.
فخير الدنيا : ما ييسّره الله تبارك وتعالى للعبد من الهدى والنعمة والخير ، وخير الآخرة : الفوز بالنعيم الدائم فى الجنة (٢٥).
وقد ذكر (البر) ومشتقاته فى القرآن الكريم ٢٠ مرة (١) ، وفى حديث النبى صلىاللهعليهوسلم كثيرا (٢٦).