الآية ، أى : لا تعتدوا على هؤلاء العمّار ، بسبب أن صدكم أصحابهم ، ومن المعلوم .. أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، كان هو وأصحابه بالحديبية ، حين صده المشركون عن البيت فى ذى القعدة.
والمراد به ـ كذلك ـ رجب. وذلك فى قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) (البقرة : ٢١٧) ، حيث بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعثا من المهاجرين ، فقتلوا عمرو بن الحضرمى ، فى آخر يوم من رجب ، وأسروا رجلين ، واستاقوا عيرهم ، فقال النبى صلىاللهعليهوسلم ، لم آمركم بالقتال فى الشهر الحرام ، فقالت قريش : استحل محمد الشهر الحرام» ، فنزلت : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ) ، إلى قوله : (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) أى : قد كانوا يفتنوكم ـ يقتلونكم ـ وأنتم فى حرم الله ، بعد إيمانكم ، وهذا أكبر عند الله من أن تقتلوهم فى الشهر الحرام مع كفرهم بالله (٦٣).
والمراد به ـ ثالثا ـ الأشهر الأربعة المشار إليها فى قوله تعالى : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) (التوبة : ٣٦).
وهذه الشهور .. هى : ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، ورجب ، الذى بين جمادى الآخرة وشعبان ، وذلك فى قوله تعالى : (جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ) (المائدة : ٩٧) ، حيث قرر الله تعالى فى قلوبهم : حرمتها ، فكانوا لا يروّعون فيها نفسا ، ولا يطلبون فيها دما ، ولا يتوقعون فيها ثأرا ، حتى كان الرجل يلقى فيها قاتل أبيه وابنه وأخيه ، فلا يؤذيه ، واقتطعوا فيها ثلث الزمان ، ووصلوا منها ثلاثة متوالية ، فسحة وراحة ، ومجالا للسياحة فى الأمن والاستراحة ، وجعلوا منها واحدا منفردا فى نصف العام ؛ دركا للاحترام ، وهو شهر رجب (٦٢).
٣٧ ـ الصاخّة
هى : الصّيحة التى تصخّ الأسماع ، أى :
تقرعها وتصمّها.
قال ابن سيده : هى صيحة تصخّ الأذن ، أى تطعنها ، فتصمّها لشدتها ، ومنه سميت القيامة.
وقال أبو إسحاق : هى الصيحة التى تكون فيها القيامة ، تصخّ الأسماع ، أى : تصمّها ، فلا تسمع إلا ما تدعى به للأحياء. وأصل الكلمة فى اللغة : الصك الشديد.
وهى عبارة عن القيامة (٦٤) ، حسب المشار إليه فى قوله تعالى : (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) (الأنعام : ٧٣ ، طه : ١٠٢ ، النمل ٨٧ ، النبأ