والفتنة : بمعنى الاختبار ، كما فى قوله تعالى : (أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ) (التوبة : ١٢٦) وقوله تعالى :
(إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (التغابن : ١٥).
والفتنة : بمعنى الخديعة ، يقول تعالى :
(وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ) (المائدة : ٤٩).
والفتنة بمعنى الإعجاب ، كما فى قوله تعالى : (رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) (الممتحنة : ٥) والمعنى : لا تظهرهم وتنصرهم علينا ، فيعجبوا ويظنوا إنهم خير منا ، وأهل الحجاز يقولون : فتنته المرأة ، إذا ولهته وأحبها.
٤٤ ـ فطرة الله
وردت هذه اللفظة فى القرآن الكريم مرة واحدة. وذلك فى قوله تعالى : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (الروم : ٣٠).
وقد اختلف العلماء فى معنى «فطرة الله» هذه على أقوال متعددة (٧٥)!
١ ـ قال أبو هريرة ، وابن شهاب ، وغيرهما :
فطرة الله : هى الإسلام ، قالوا : وهذا هو المعروف عند عامة السلف من أهل التأويل ...
واستدلوا لذلك ، بما يلى :
(أ) بهذه الآية قال البخارى قوله : (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) لدين الله ، والدين والفطرة :
الإسلام (٧٦).
(ب) وبحديث أبى هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما من مولود يولد إلا على الفطرة ، فأبواه يهودانه ، أو ينصرانه ، أو يمجسانه ، كما تذبح البهيمة بهيمة جمعاء ، هل تحسون فيها من جدعاء ، ثم يقول (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) (٧٧).
(ج) وبحديث عياض بن حمار المجاشعى وفيه : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : قال الله تعالى :
«... وإنى خلقت عبادى حنفاء كلهم ، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ، وحرمت عليهم ما أحللت لهم ، وأمرتهم أن يشركوا بى ما لم أنزل به سلطانا ..» (٧٨).
٢ ـ وقال آخرون : فطرة الله هى : البداءة التى ابتدأهم الله عليها ، أى : على ما فطر عليه خلقه ، من أنه ابتدأهم للحياة والموت ، والسعادة والشقاء ، وإلى ما يصيرون إليه عند البلوغ. (٧٥) قالوا : والفطرة فى كلام العرب :
البداءة ، والفاطر : المبتدئ. واستدلوا لذلك بما يلى (٧٥) :