(٤)
جزاء الإيمان بالله وثوابه
إن الإيمان بالله نعمة كبرى ونفخة مباركة عظمى فإن للمؤمنين حسن الجزاء من الله ، وهو جزاء جميل فى الدنيا وجليل فى الآخرة ، فهو فى الدنيا شعور بحلاوة الإيمان التى تقود إلى العيش فى حياة راضية ونفس مطمئنة ، وسعادة أخرى برضى الناس عنهم والثقة فيهم والتقرب إليهم ، هذا فضلا عن ذلك السياج الصالح الذى تعيش فى إطاره أسرهم من أزواج وأبناء وحفدة وكونهم عنوانا للخير ومثالا للصلاح ، وأما جزاؤهم فى الآخرة فجنات عرضها السموات والأرض أعدها الله لهم ولأمثالهم من المتقين.
ويضرب الله الأمثال لهؤلاء المؤمنين المتقين فى الكثير من آيات كتابه العزيز كما فى قوله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠) نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ (٣١) نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (٣٢) وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٣) وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤) وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (١).
إن هذه الآيات المباركات بسلاسة أسلوبها ، وعبق نفحاتها ، وصدق كلماتها ، وإعجاز بيانها ونفاسة محتواها ، وقداسة وعودها ، وجلاء لفظها ، ونضرة وقعها فى الأسماع والقلوب ، كيف لم تطرق أسماع من تليت عليهم طرق المستجيب ووقع المستنير؟ ولكنهم بسبب عمق كفرهم وشراسة إعراضهم (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (٢).
وفى سورة أخرى من سور سنن مكافأة المؤمنين وحسن جزائهم يقول جل وعز :
(أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (١٩) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ (٢٠) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ (٢١)