العظيم وذلك فى قوله تعالى : (اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) (١٠).
ولعل من خير ما جاء به المفسرون من قدامى ومحدثين فى هذا المقام ، هو ما قال به أخونا فى الله الشيخ محمد على الصابونى برغم إيجازه الشديد : «أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ ذلل الشمس لمصالح العباد ، كل يسير بقدرته ـ تعالى ـ إلى زمن معين هو زمن فناء الأرض» (١١).
على أن أحدث ما كتب فى شأن سنة الله فى تسخير الشمس والقمر ، وأقربه إلى المراد القرآنى هو ما سطره أخونا فى الله الدكتور زغلول النجار بقوله : «من معانى تسخير كل من الشمس والقمر ضبط حركة كل منهما لما فيه صلاح الكون واستقامة الحياة على وجه الأرض ، ومن معانى أن كلا منهما يجرى إلى أجل مسمى أن الكون ليس بأزلى ولا بأبدى ، بل كانت له فى الأصل بداية تحاول العلوم المكتسبة تحديدها ، وكل ما له بداية لا بدّ وأن تكون له فى يوم من الأيام نهاية ، لها من الشواهد الحسية فى كل من الشمس والقمر ما يؤكد على حتميتها ، والحقائق القاطعة بتسخير الشمس عديدة جدا منها :
(١) الاتزان الشديد بين تجاذب مكونات الشمس وتمددها ... وقد بقيت الشمس مستمرة فى الوجود تحت هذا التوازن العجيب على مدى عشرة بلايين من السنين على أقل تقدير وإلى أن يرث الله ـ تعالى ـ الكون ومن فيه ، ولو لا هذا التوازن الدقيق لانفجرت الشمس كقنبلة نووية عملاقة أو لانهارت على ذاتها تحت ضغط جاذبيتها خاصة وأنها مجرد كرة ضخمة من الغازات.
(٢) تسخير طاقة الشمس من أجل ضبط حركة الحياة على الأرض ، ذلك أن الشمس تطلق من مختلف صور الطاقة ما يقدّر بحوالى خمسمائة ألف مليون مليون مليون (ثلاث مرات) حصان فى كل ثانية من ثوانى عمرها ، ويصل إلى الأرض من هذا الكمّ الهائل من الطاقة حوالى الواحد فى الألف ، وبدون هذه الطاقة الشمسية تستحيل الحياة على كوكبنا ؛ لأن كلا من النبات والحيوان والإنسان يعتمد فى وجوده بعد إرادة الله الخالق ـ سبحانه وتعالى ـ على قدر الطاقة الذى يصله من أشعة الشمس ، كذلك وإن كل الظواهر الفطرية التى تحدث على الأرض وما حولها
تعتمد على الطاقة القادمة إلينا من الشمس ، فتصريف الرياح وإرسال السحاب وإنزال المطر وبقية دورة الماء حول