إحداهما قلّت الأخرى بنفس المعدل. ويمضى الأستاذ العالم الدكتور زغلول النجار قائلا :
ولما كانت سرعة دوران الأرض فى تناقص مستمر بمعدل جزء من الثانية فى كل قرن من الزمن ، فإن سرعة دوران القمر فى تزايد مستمر بنفس المعدل تقريبا ، مما يؤدى إلى تباعد القمر عن الأرض بمقدار ثلاثة سنتيمترات فى كل سنة ، وهذا التباعد سوف يخرج القمر فى يوم من الأيام من إسار جاذبية الأرض ليدخله فى نطاق جاذبية الشمس فتبتلعه تحقيقا للنبوءة القرآنية التى يقول فيها الحق تبارك وتعالى : (فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (٨) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ). (١٦) ومن هنا كانت هذه الإشارة القرآنية المعجزة إلى وصف مراحل القمر المتتالية فى كل شهر ، والتى يقول فيها ربنا سبحانه وتعالى : (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ). ويمضى الأستاذ الدكتور زغلول قائلا : ويضاف إلى هذه المعجزات القرآنية التى لا تنتهى أبدا ، وصف المرحلة الأخيرة من مراحل الدورة الشهرية للقمر ؛ بالعرجون القديم : وهو العنقود من الرطب (العذق) إذا يبس وانحنى واصفر لونه ، وهو عند يبوسه على النخلة ينحنى تجاهها ، فكذلك الهلال الثانى ينحنى بطرفيه تجاه الأرض ، بينما الهلال الوليد ينحنى بهما بعيدا عنها فما أروع هذا التشبيه القرآنى.
ويختم الدكتور زغلول بقوله : هذه الحقائق عن القمر لم يدركها العلم الكسبى إلا بعد مجاهدة استغرقت آلاف العلماء وعشرات القرون ، وورودها فى آية واحدة من كتاب الله الذى أنزل على نبى أمىّ وفى أمة كانت غالبيتها الساحقة من الأميين ، ومن قبل ألف وأربعمائة سنة ، مما يقطع بأن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق الذى أنزله بعلمه على خاتم أنبيائه ورسله وتعهد بحفظه حفظا كاملا. (١٧)
وقوله تعالى : (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ) «يس : ٤٠» هو سنة إلهية عظمى من سنن الله فى خلقه ، ذلك أن الشمس والقمر إذا اجتمعا محا ضياء الشمس نور القمر ، لأن القمر يستمد نوره من ضوء الشمس فتكون الأوقات كلها نهارا لا ليل فيها ، والحال نفسها تحدث إذا سبق الليل النهار ، ولكن نتيجة ذلك تكون مضادة لنتيجة اجتماع الشمس والقمر ، إذ الحال فى سبق الليل النهار أن تكون الأوقات ليلا وحينئذ يختل نظام الحياة على الأرض ؛ لأن إرادة الله جعلت طبيعة الحال على كوكب الأرض ينقسم اليوم فيها إلى ليل ونهار ، ولليل