مصدر لقرأت ، كالرجحان والغفران ، سمى به الكتاب المقروء من باب تسمية المفعول بالمصدر». أه (٥).
وهذه المقالة من أصحابها تتضمن أمرين :
أولهما : أن الكلمة التى جعلت علما لهذا الكتاب هى بعينها الكلمة التى جاءت فى اللغة مصدرا بمعنى القراءة ، فتكون علميتها منقولة عن المعنى المصدرى ، تسمية للمفعول بالمصدر ، كاللفظ بمعنى الملفوظ ، والمعنى المصدرى ظل مستعملا ولم يهجر مع استعمال الكلمة فى معنى المفعول أيضا.
وثانى الأمرين وهو يترتب على أولهما :
أن هذه الكلمة فى علميتها كما هى فى مصدريتها مهموزة همزتها أصلية ونونها زائدة على زنة فعلان ، ومن حذف همزتها كقراءة ابن كثير ونطقها هكذا (قران) فهو من باب التخفيف بحذف الهمزة ونقل حركتها إلى الساكن قبلها على وزن (فعان). وهذا القول بما يتضمنه من هذين الأمرين هو المختار الذى لا ينبغى التعويل إلا عليه (٦).
فمن ثم وفق الأستاذان الجليلان الزرقانى وغزلان كل التوفيق إذ اختاراه (٧).
وهذا الرأى هو ما عليه جمهور من كتب فى علم الأصول كالسعد التفتازانى والجلال المحلى.
٢ ـ وذهبت طائفة منهم الزجاج إلى أنه : وصف على وزن (فعلان) من القرء بمعنى الجمع.
وعلى ذلك يكون للفظة (القرآن) استعملان فى معنى المصدرية وتكون بمعنى القراءة الوصفية وتكون مشتقة من القرء بمعنى الجمع ، والثانى هو العلم على خصوص الذكر الكريم.
وعليه أيضا تكون الهمزة أصلية فى الكلمة والنون زائدة ، ومن حذف الهمزة تخفيفا نقل حركتها للساكن قبلها فصارت على وزن (فعان).
والذى أذهب إليه هو ضعف هذا الرأى وإن مال بعضهم إلى اختياره كالآلوسى ، وقد ردّ هذا القول أيضا الشيخ غزلان بأن هذه الصيغة غير مألوفة فهى سماعية لا يخرج عليها إلى عند الضرورة ، ولا ضرورة هنا (٨).
٣ ـ ونقل الزركشى عن بعض المتأخرين (٩) والسيوطى عن قطرب (١٠) أن :
مادة القرآن هى (قرأ) بمعنى أظهر وبيّن ، وأنكر بعض المتأخرين أن تكون من القرء بمعنى الجمع لقوله تعالى : (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) ، وهذا القول لم يبين أصحابه هل لفظة (القرآن) مصدر أم وصف على وزن فعلان ، وإن كان المتعين من حكاية الزركشى