(مَلِكِ النَّاسِ). ولا يكون مالك (١) الشّىء إلّا وهو يملكه ؛ وقد يكون ملك الشّىء وهو لا يملكه ؛ كقولهم : ملك العرب والعجم.
و (الدِّينِ) : الجزاء ، و (يَوْمِ الدِّينِ) : يوم يدين الله تعالى العباد بأعمالهم (٢).
تقول العرب : «دنته بما فعل» ؛ أى : جازيته ، ومنه قوله تعالى : (أَإِنَّا لَمَدِينُونَ)(٣) أى مجزيّون ؛ وتقول العرب : «كما تدين تدان (٤)» أى كما تجازى تجازى (٥).
ومعنى قوله : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) : أنّه ينفرد فى ذلك اليوم بالحكم ، بخلاف الدّنيا فإنّه يحكم فيها الولاة والقضاة ، ولا يملك أحد الحكم فى ذلك اليوم إلّا الله تعالى.
وتقدير الآية : مالك يوم الدّين الأحكام (٦) ، وحذف المفعول من الكلام للدّلالة عليه.
ومن قرأ : ملك يوم الدّين فمعناه : أنّه يتفرّد بالملك فى ذلك اليوم ، لزوال ملك الملوك وانقطاع أمرهم ونهيهم ؛ وهذا كقوله : (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ)(٧)
٥ ـ قوله تعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ)
«إيّا» ضمير المنصوب المنفصل ، ويدخل عليه المكانىّ (٨) ؛ من الياء ، والنّون ،
__________________
(١) حاشية ج : «الملك والمالك : القادر على اختراع الأعيان ، ولا يقدر على ذلك الاختراع إلا الله تعالى».
(٢) هذا المعنى رواه ابن جرير عن قتادة ، كما فى (تفسير الطبرى ١ : ١٦٠).
(٣) سورة الصافات : ٥٣.
(٤) انظر (الكامل : ١٨٥) و (جمهرة الأمثال ٢ : ١٥٤).
(٥) ب : «تجزى». فى (اللسان ـ مادة : دين) «أى : تجازى بفعلك وبحسب ما عملت».
(٦) أى : الأمور فى يوم الدين. (اللسان ـ مادة : حكم).
(٧) سورة الفرقان : ٢٦.
(٨) حاشية ج : «المكانى : جمع المكنى ، أى المخفى ؛ لأن فى الضمائر خفاء. أو تقول : المراد بالمكنى : الكناية ، لأن عند بعض : الضمائر كنايات : التاء عن المتكلم ، والكاف عن المخاطب ، والهاء عن الغائب ، والنون عن المتكلم مع الغير».