قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «العلماء ورثة الأنبياء يحبّهم أهل السّماء ، ويستغفر لهم الحيتان فى البحر إلى يوم القيامة» (١).
أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى ، حدّثنا أبو بكر عبد الله بن يحيى الطلحىّ ، ، حدّثنا أبو يعلى محمد بن أحمد بن عبيد الله الملطىّ ، حدّثنا أحمد بن صالح ، عن منبّه بن عثمان ، عن صدقة بن عبد الله ، عن طلحة بن زيد ، عن موسى بن عبيدة (٢) ، عن سعيد بن أبى هند ، عن أبى موسى الأشعرىّ ، قال :
قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «يبعث الله العباد يوم القيامة ، ثم يميّز العلماء ، فيقول ؛ يا معشر العلماء ، إنّى لم أضع علمى فيكم إلّا لعلمى بكم ، ولم أضعه فيكم لأعذّبكم ، انطلقوا إلى الجنّة فقد غفرت لكم» (٣).
وإنّ أمّ العلوم الشرعيّة ، ومجمع الأحكام الدّينيّة كتاب الله المودع نصوص الأحكام ، وبيان الحلال والحرام ، والمواعظ النّافعة ، والعبر الشّافية ، والحجج البالغة ؛ والعلم به أشرف العلوم ، وأعزّها وأفضلها ، وأجلّها وأمزّها (٤) ؛ لأنّ شرف العلوم بشرف المعلوم.
ولمّا كان كلام الله أشرف المعلومات ؛ كان العلم بتفسيره ، وأسباب تنزيله ومعانيه وتأويله (٥) ، أشرف العلوم ؛ ومن شرف هذا العلم وعزّته فى نفسه أنه لا يجوز القول فيه
__________________
(١) أخرجه ابن ماجه عن أبى الدرداء ، بألفاظ مختلفة. انظر (سنن ابن ماجه ، باب ثواب معلم الناس الخير ١ : ٨٧ ، حديث ٢٣٩).
حاشية ج : «المراد يستغفر للعلماء المخلوقات ، حتى الحيتان فى البحر ؛ لأن وجود العلماء سبب حياة جميع المخلوقات ، لأن انقراض العالم بانقراض العلماء».
(٢) عبيدة ـ بفتح العين ـ كما فى (عمدة القوى والضعيف ـ الورقة ١ / ظ).
(٣) أخرجه الطبرانى عنه ، بألفاظ مختلفة. انظر (الدر المنثور ١ : ٣٥٠).
(٤) بفتح الميم وتشديد الزاى المضمومة. أى : أفضلها ، كما فى (عمدة القوى والضعيف ـ الورقة ١ / ظ) وفى ب «وأمنها» بالنون ، وهو تحريف.
(٥) التفسير : علم نزول الآية وشأنها وقصصها ، والأسباب التى نزلت فيها ، فهذا وأشباهه محظور على الناس لا يصلح القول فيه إلا بالسماع. والتأويل : صرف الآية إلى معنى آخر يحتمله ، وليس بمحظور على العلماء استنباطه والقول فيه ، بعد أن يكون موافقا للكتاب والسنة. بتصرف من (عمدة القوى والضعيف ـ الورقة ٢ / و) و (البرهان للزركشى ٢ : ١٤٦ ـ ١٥٣).