محمد بن الحسن بن الخليل ، أخبرنا محمد بن عبيد ، أخبرنا صالح بن موسى ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن أبى صالح ، عن أبى هريرة ، قال :
قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «إنّي قد خلفت فيكم شيئين لن تضلّوا أبدا ما أخذتم بهما ، وعملتم بما فيهما : كتاب الله ـ عزوجل ـ وسنّتى ، ولن يتفرّقا حتى يردا علىّ الحوض» (١).
وقد سبق لى ، قبل هذا الكتاب ـ بتوفيق الله ـ وحسن تيسيره ـ مجموعات ثلاث فى هذا العلم : «معانى التّفسير» ، و «مسند التّفسير» ، و «مختصر التفسير» ؛ وقديما كنت أطالب بإملاء كتاب فى تفسير «وسيط» (٢) ينحطّ عن درجة «البسيط» (٣) الذى تجرّ فيه أذيال الأقوال ، ويرتفع عن مرتبة «الوجيز» الذى اقتصر فيه على الإقلال.
والأيام تدفع فى صدر المطلوب بصروفها ، على اختلاف صنوفها ؛ وسآخذ نفسى على فتورها ، وقريحتى على قصورها ـ لما أرى من جفاء الزمان ، وخمول العلم وأهله ، وعلوّ (٤) أمر الجاهل على جهله ـ بتصنيف تفسير أعفيه من التطويل والإكثار ، وأسلّمه من خلل الوجازة والاختصار ، وآتى به على النّمط (٥) الأوسط ، والقصد الأقوم ، حسنة بين ٣ / ظ السيّئتين ، / ومنزلة بين المنزلتين ، لا إقلال ولا إملال.
نعم المعين ـ توفيق الله تعالى ـ لإتمام ما نويت ، وتيسيره لإحكام ما له تصدّيت.
__________________
(١) هذا الحديث رواه مالك ، بألفاظ مختلفة ، انظر (الموطأ ، كتاب القدر ٥٦١ حديث ٣).
(٢) حاشية ج : «أى : متوسط».
(٣) حاشية ج : «أى المبسوط».
(٤) العلو ـ بعين مهملة ـ وكان الفقيه الشرعنى ـ رحمهالله ـ يسمعه بغين معجمة. والصواب ـ والله أعلم ـ فيما تقدم. (عمدة القوى والضعيف ـ الورقة ٢ / و) وفى ج «غلو» بالغين المعجمة.
(٥) قال أبو عبيدة : النمط : هو الطريقة. يقال : الزم هذا النمط ، أى هذا الطريق. (اللسان : مادة : نمط).