«التأويل» : التّفسير ، ومعناه : ما يئول إليه الشّىء : أى يرجع.
قال ابن عبّاس : (وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ) : طلب مدّة أجل أمّة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ (١).
قال الله تعالى : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ.)
يريد : وما يعلم انقضاء مدّة ملك أمّة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلّا الله ؛ لأنّ انقضاء ملك هذه الأمّة مع قيام السّاعة ، ولا يعلم ذلك ملك مقرّب ، ولا نبىّ مرسل.
ثم ابتدأ فقال : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) : أى الثابتون فيه (٢).
و «الرّسوخ» فى اللّغة : الثّبوت فى الشّىء.
وعند أكثر المفسّرين : المراد ب «الرّاسخين» : علماء مؤمنى أهل الكتاب.
قال ابن عباس ومجاهد والسدّىّ : (٣) بقولهم : (آمَنَّا بِهِ) : سمّاهم الله تعالى (راسخين فى العلم) ؛ فرسوخهم فى العلم قولهم : (آمَنَّا بِهِ)) أى بالمتشابه. (كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) : المحكم والمتشابه ، وما علمناه وما لم نعلمه. أخبرنا سعيد بن محمد المقرى ، أخبرنا عمرو بن مطر ، أخبرنا إبراهيم بن محمد ابن يوسف السّمنانىّ (٤) ، حدّثنا عمرو بن عثمان ، حدّثنا محمد بن حرب ، عن أبى سلمة ، عن أبى حصين ، عن أبى صالح ، عن ابن عباس قال : نزل القرآن على أربعة أوجه ؛ فوجه حلال وحرام لا يسع أحد جهالتها ، ووجه عربىّ ؛ تعرفه العرب ، ووجه تأويل : يعلمه العلماء ، ووجه تأويل : لا يعلمه إلّا الله ، فمن انتحل فيه علما فقد كذب (٥).
وقوله : (وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) : أى وما يتّعظ بالقرآن إلّا ذوو العقول.
__________________
(١) (تفسير الطبرى ٣ : ١٨١) وبلا نسبة فى (الوجيز للواحدى ١ : ٨٨).
(٢) (اللسان ، والتاج ـ مادة : رسخ) و (مفردات الراغب ٩٥) و (معانى القرآن للزجاج ١ : ٣٨٩) و (معانى القرآن للنحاس ١ ٣٥٢).
(٣) (تفسير الطبرى ٣ : ١٨٥) و (تفسير ابن كثير ٢ : ٨) وبلا نسبة فى (الوجيز للواحدى ١ : ٨٨).
(٤) قال الحضرمى : «السمنانى ، بسين مهملة مكسورة ، وبعدها ميم ونون» (عمدة القوى والضعيف ـ الورقة ٦ / ظ).
(٥) لأثر أخرجه ابن المنذر من طريق الكلبى عن أبى صالح ، عن ابن عباس ، بنحوه ، كما فى (الدر المنثور ١ : ٧) و (تفسير الطبرى ١ : ١٧٦) و (تفسير ابن كثير ١ : ١٨) وانظر (تفسير الفخر الرازى ٢ : ٤٢١) و (البرهان فى علوم القرآن ٢ : ١٧٤).