يريد : أنّ اليهود كفرت بمحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كعادة آل فرعون فى تكذيب موسى بعد ما عرفوا صدقه ؛ والمعنى : دأبهم فى الكفر كدأب آل فرعون.
و «الدّأب» معناه فى اللّغة : الأمر والشّأن والعادة (١).
(وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) يعنى : كفّار الأمم الخالية (٢) ([كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ]).
١٢ ـ قوله : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا).
قال ابن عباس : يعنى يهود المدينة. (٣) وقال مقاتل : ((٤) مشركى مكّة (٤)).
(سَتُغْلَبُونَ) : ستصيرون مغلوبين بنصرة الله المؤمنين عليكم ، ثم فعل ذلك فاليهود غلبوا بوضع الجزى (٥) عليهم ، والمشركون غلبوا بالسّيف.
وقوله : (وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ) وعيد لهم بالنّار.
وقرئ بالتّاء (٦) والياء. قال الفرّاء (٧) : يجوز فى مثل هذا التّاء والياء ؛ لأنّك تقول فى الكلام : قل لعبد الله إنّه قائم ، وإنّك قائم ؛ وفى حرف (٨) عبد الله :
(قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ)(٩).
وقوله : (وَبِئْسَ الْمِهادُ).
قال ابن عباس : بئس ما قد مهّد لكم ، وبئس ما مهّدتم لأنفسكم.
__________________
(١) (اللسان ـ مادة : دأب) و (مجاز القرآن لأبى عبيدة ١ : ٨٧) و (مفردات الراغب ١٧٤) و (معانى القرآن للزجاج ١ : ٣٨١)
(٢) حاشية ج : «أى الماضية».
(٣) انظره مطولا عن ابن عباس فى (أسباب النزول للواحدى ٩١ ـ ٩٢) و (الدر المنثور ٢ : ٩) و (تفسير الطبرى ٣ : ١٩٢) و (تفسير القرطبى ٤ : ٢٤) و (تفسير ابن كثير ٢ : ١٢) و (سنن أبى داود ٣ : ١٥٤ ـ ١٥٥) و (سيرة ابن هشام ٢ : ٢٠١).
(٤ ـ ٤) أ : «مشركى قريش بمكة».
(٥) حاشية ج : «الجزى : جمع جزية». «قال الجوهرى : وهو ما يؤخذ من أهل الذمة» (اللسان ـ مادة : جزى) وانظر (مفردات الراغب ٩٣).
(٦) قرأ بالتاء ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وابن عامر ونافع. وقرأ بالياء : حمزة والكسائى. انظر (السبعة فى القراءات ٢٠١ ، ٢٠٢) وتوجيه القراءتين فى (البحر المحيط ٢ : ٣٩٢) و (تفسير القرطبى ٤ : ٢٤) و (معانى القرآن للفراء ١ : ١٩١ ، ١٩٢) و (معانى القرآن للزجاج ١ : ٣٨١) و (تفسير الفخر الرازى ٢ : ٤٢٦).
(٧) انظر (معانى القرآن للفراء ١ : ١٩١ ، ١٩٢).
(٨) حاشية ج : «أى فى قراءة» ، وهو عبد الله بن مسعود.
(٩) سورة الأنفال : ٣٨. قال الفراء ـ بعد أن ذكر هذه القراءة ـ : وفى قراءتنا : (إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ) (معانى القرآن للفراء ١٩٢) وانظر (معانى القرآن للأخفش ١ : ٣٩٥).