ومعنى (الْإِسْلامُ) فى اللّغة : الدّخول فى السّلم : أى فى الانقياد والمتابعة ، ثمّ من الإسلام : ما هو متابعة وانقياد باللّسان دون القلب ، وهو قوله تعالى : (قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا)(١) ؛ ومنه ما هو متابعة وانقياد ((٢) بالقلب واللسان (٢)) ؛ وهو قوله تعالى : (قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ)(٣).
روى الحسن عن أبى هريرة : أنّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : قال : «تعرض الأعمال يوم القيامة ، فتجىء الصّلاة فتقول : أى ربّ ، إنّى الصّلاة ، فيقول الله عزوجل : إنّك على خير ، ثمّ تجىء الصّدقة فتقول : إنّى الصّدقة ، فيقول : إنّك على (٤) خير ، ويجىء الصّيام ، وتجىء الأعمال كذلك ، ويجىء أحسبه قال : الإسلام ـ فيقول : أى ربّ ، أنت السّلام ، وأنا الإسلام ، فيقول الله : إنّك على خير ، بك آخذ اليوم ، وبك أعطى ؛ (٥) ثمّ قال الحسن : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) ، (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ)(٦).
قوله : (وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ)
قال ابن عبّاس : يعنى قريظة والنّضير وأتباعهم.
يقول : لم يختلف اليهود فى صدق نبوّة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لما كانوا يجدونه فى كتابهم من نعته.
(إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ).
يعنى : النّبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، وسمّى علما لأنّه كان معلوما عندهم.
والمعنى : أنّهم كانوا يصدّقونه (٧) بنعته ، وصفته قبل بعثه ، فلمّا جاءهم
__________________
(١) سورة الحجرات : ١٤. قال الواحدى فى (تفسيره الوجيز ٢ : ٣١٨): «أى لم تصدقوا الله ورسوله بقلوبكم ، ولكن أظهرتم الطاعة ؛ مخافة القتل والسبى».
(٢ ـ ٢) أ : «باللسان والقلب».
(٣) سورة البقرة : ١٣١ ، وانظر معناها فيما تقدم فى (الوسيط فى التفسير للواحدى ١ : ١٩٩).
(٤) حاشية ج : «أى بسببك يصل الخير إلى عبادى».
(٥) أخرجه الإمام أحمد ـ عن أبى هريرة ، بألفاظ مختلفة ـ فى (المسند ، كتاب الإيمان والإسلام ، فضل الإيمان والإسلام ١ : ٦٢ ، حديث / ٤).
(٦) سورة آل عمران : ٨٥. انظر معناها فيما يأتى عند صفحة (٦١) من هذا الجزء.
(٧) أ : «يصدقون».