سورة التحريم
(قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) فيه معنيان ، الأول : قد شرع الله لكم الاستثناء في أيمانكم من قولهم : " حل فلان في يمينه إذا استثنى فيه" ، ومنه : " حلا أبيت اللعن" أي : استثن ، ومنه" يا حالف اذكر حلّا في يمينك إذا طلقت". وذلك أن يقول : إن شاء الله عقبها. والثاني : قد شرع لكم تحليلها بالكفارة.
(قانِتاتٍ) القنوت : الطاعة ، طاعة الله وطاعة رسوله.
(ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً) : وسطت الواو دون باقي الصفات لوجود التنافي إذ لا يجتمعان بخلاف البواقي لاحتمال الاجتماع فيهن.
(تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً) : وصفت التوبة بالنصح على سبيل المجاز ، والنصح صفة التائبين أن يأتوا بها متداركة للفرطات ماحية للسيئات عازمين على أن لا يعودوا موطنين أنفسهم على ذلك. وعن علي تجمعها ستة أشياء : الندم على الماضي من الذنوب ، والإعادة للفروض ، ورد المظالم واستحلال الخصوم ، والعزم على عدم العود ، وأن تدئبها في طاعة الله تعالى كما أدأبتها في معصيته ، وأن تذيقها مرارة الطاعات كما أذقتها حلاوة المعاصي.
(جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ) : الكفار بالسيف ، والمنافقين بالاحتجاج.
(امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ) : لما نافقتا وخانتا الرسولين لم يغن الرسولان عنهما شيئا ، وإن كان قد وقعت صلة الزوجية. ثم ضرب الله المثل بالمرأتين الصالحتين وإن كان قومهما كفارا مريم وامرأة فرعون فإن قيل : ما خيانة امرأة نوح؟ قيل : إنها كانت تقول لقومها هو مجنون. وأما امرأة لوط فدلت على ضيفانه ، واسم امرأة فرعون آسية بنت مزاحم ، وقيل : هي عمة موسى آمنت حين سمعت بتلقف عصا موسى الإفك.
(وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) : غلّب الذكورة على الأنوثة ، وقيل : اسم امرأة نوح واغلة واسم امرأة لوط واهلة ، قال جار الله : وحديث أثر الصنعة عليه ظاهر بيّن.