سورة الغاشية
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ) الغاشية : الداهية التي تغشى بشدائدها يعني بها القيامة من قوله تعالى : (يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ) [العنكبوت : ٥٥] ، وقيل الغاشية : النار من قوله : (وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ) [إبراهيم : ٥٠].
(خاشِعَةٌ) : ذليلة.
(عامِلَةٌ ناصِبَةٌ) : تعمل في النار عملا تتعب فيه وهو جرها السلاسل والأغلال ، وخوضها في النار كما تخوض الإبل في الوحل ، وقيل : هم أصحاب الصوامع ، خشعت وعملت ونصبت في أعمالها ما أجدى عليها.
(تَصْلى ناراً حامِيَةً) قرئ بفتح التاء وضمها (١) ، وتصلّى بالتشديد ، وقيل المصلى عند العرب أن يحفروا حفيرا فيجمعوا فيه جمرا كثيرا ثم يعمدوا إلى شاة فيدسوها وسطه ، فأما ما يشوى فوق الجمر أو على المقلى أو في التنور فلا يسمى مصليا.
(آنِيَةٍ) : متناهية في الحر.
(مِنْ ضَرِيعٍ) : هو شوك ترعاه الإبل ما دام رطبا فإذا يبس تحامته الإبل وهو سم قاتل قال أبو ذؤيب :
رعى الشّبرق الريان حتى إذا |
|
ذوى وعاد ضريعا بان عنه النحائص |
والنحائص : جمع نحيصة وهو اكتناز اللحم.
(لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ) : فائدة الطعام أمران : إماطة الجوع وحصول الشبع والسمن ، وهاتان المنفعتان منتفيان ، ويجوز أن يراد به أن لا طعام لهم ؛ لأن الضريع ليس بطعام للبهائم فضلا عن الأناس كما يقال : ليس لفلان ظل إلا الشمس تريد : نفي الظل على التوكيد ، ومثل ذلك كثير ، منه قوله تعالى : (لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً) [البقرة : ٢٧٣] على أحد التفسيرين ، ومنه : (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) [غافر : ١٨] ومن ذلك قول امرئ القيس :
على لاحب لا يهتدى بمناره |
|
إذا سافه العود النباطيّ جرجرا |
__________________
(١) تصلّى : قراءة أبي عمرو وشعبة ويعقوب.