سورة أبي لهب" وهي سورة المسد"
(تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) التباب : الهلاك والخسران ، ومن أمثالهم : " أشابّة أم تابّة" أي : هالكة من الهرم والتعجيز ، والمعنى هلكت يداه ، لأنه فيما يروى أخذ حجرا ليرمي به رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ويحتمل أنه عنى باليدين عن ذاته كلها كقوله تعالى : (بِما قَدَّمَتْ يَداكَ) [الحج : ١٠].
(وَتَبَ) أي : حصل ذلك ووقع ، وذلك كقول من قال : (١)
جزاني جزاه الله شر جزائه |
|
جزاء الكلاب العاديات وقد فعل |
وتدل عليه قراءة ابن مسعود : " وقد تب" ، وروي أنه لما نزل : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) [الشعراء : ٢١٤] رقي رسول الله صلىاللهعليهوسلم الصفا ، وقال : يا صباحاه ، فاستجمع إليه الناس من كل أوب فقال : " يا بني عبد المطلب يا بني فهر إن أخبرتكم أن بسفح هذا الجبل خيلا أكنتم مصدقي؟ " قالوا : نعم ، قال : " فإني نذير لكم بين يدي الساعة" ، فقال أبو لهب : تبا لك ألهذا دعوتنا؟ فنزلت. فإن قلت : لم كناه والتكنية تكرمة؟ قلت : فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أن يكون مشتهرا بالكنية دون الاسم ، فقد يكون الرجل مشهورا بأحدهما ولذلك تجري الكنية على الاسم أو الاسم على الكنية عطف بيان ، فلما أريد تشهيره بدعوة السوء وأن تبقى سمة له ذكر الأشهر من علميه ، ويؤيد ذلك قراءة من قرأ : يدا أبو لهب كما قيل : علي بن أبو طالب ومعاوية بن أبو سفيان ؛ لئلا يغير منه شيء فيشكل على السامع ، والثاني : أن اسمه عبد العزى فعدل عنه إلى كنيته ، والثالث : أنه لما كان من أهل النار ومآله إلى نار ذات لهب وافقت حاله كنيته فكان جديرا بأن يذكر بها ، ويقال : أبو لهب كما يقال : أبو الشر للشرير ، وأبو الخير للخير ، وقيل : كني بذلك لتلهب وجنتيه وإشراقهما.
وقرئ : أبي لهب (٢) بسكون الهاء وهو من باب تغيير الأعلام.
(وَما كَسَبَ) : يحتمل ما يكسبه من ربح ماله ، أو ما يوجده من ولده فإن الولد من كسب أبيه ، ويحتمل التالد والطارف من ماله.
__________________
(١) البيت للنابغة.
(٢) وهي قراءة مجاهد وحميد وابن محيصن وابن كثير من القراء السبعة.