سورة الإخلاص
(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) : هو : ضمير الشأن والجملة مفسرة كقولك : هو زيد منطلق وعن ابن عباس قال : " قالت قريش : يا محمد صف لنا ربك الذي تدعونا إليه ، فنزلت". قلت : وهذا مشكل من جهة العربية لأن من حق ضمير الشأن أن لا يعود على مذكور لا لفظا ولا معنى (١).
(اللهُ الصَّمَدُ) الصمد : الذي يصمد إليه في الحوائج وهو فعل بمعنى مفعول والمعنى : هو الله الذي تعرفونه وتقرون بأنه خالق السماوات والأرض (٢).
(لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) : حتى لا يجانس مخلوقه.
(وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) : قرئ بضم الكاف والفاء ، وبضم الكاف وكسرها مع سكون الفاء (٣) والمعنى : مكاف له في جميع صفاته تعالى الله علوا كبيرا ، وليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، قلت : ولنذكر كلاما مفيدا يتعلق ب (أَحَدٌ) :
اعلم أن أحدا على قسمين ، : قسم يستعمل في الأعداد كقولك : أحد وعشرون وأحد وثلاثون ؛ فهذا همزته منقلبة عن واو لأنه من وحد فهو واحد ؛ ويصرف فيقال : توحد مثل توكل وقل إبدال الهمزة من الواو المفتوحة ، وإنما جاء في أناة في معنى وناة ، وأما إبدال الهمزة من الواو المكسورة فكثير مثل وسادة ، ووشاح فقالوا : إسادة وإشاح إلى غير ذلك.
ومؤنث أحد : إحدى وأصلها وحدى ، وأما القسم الثاني : فهو الذي للاستغراق ولا يستعمل إلا في النفي ويستوي فيه المفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث وهمزته أصلية. قال الله تعالى : (لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ) [الأحزاب : ٣٢] وقال تعالى : (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) [الحاقة : ٤٧] ولا تستعمل في
__________________
(١) أخرج الإمام أحمد في المسند والبخاري في تاريخه والترمذي في سننه وابن عاصم في السنة والحاكم وصححه عن أبي بن كعب أن المشركين قالوا للنبي صلىاللهعليهوسلم : يا محمد أنسب لنا ربك ، فأنزل الله تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ).
(٢) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : هو المستغني عن كل أحد المحتاج إليه كل أحد.
(٣) قراءة حفص دون همز ، وقرأ حمزة ويعقوب وخلف بإسكان الفاء مهموزا ، وقرأ سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس : كفاء.