بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين ، الملك الحق المبين ، أنزل الكتاب المبين ؛ ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، خاتم النبيين ، كان خلقه القرآن ، فاللهم صل وسلم وبارك عليه ، وعلى آله وأصحابه ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد :
فإن أهم ما أعملت فيه القرائح كتاب الله عزوجل ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فهو عصمة ووقاية لمن اعتصم به وتمسك بهديه ، وهو منبع كل علم ، وأصل كل حكمة.
ولقد ذكر الإمام الزركشي ، بدر الدين محمد بن عبد الله المتوفى (٧٩٤ ه) في مقدمة كتابه : " البرهان في علوم القرآن" : " إن علوم القرآن لا تنحصر ومعانيه لا تستقصى" ، وذكر من علوم القرآن وأنواعه : " معرفة غريبه" ، وهو النوع الثامن عشر في كتابه ، ثم قال بعد ما ذكر هذه الأنواع : " واعلم أنه ما من نوع من هذه الأنواع إلا ولو أراد الإنسان استقصاءه لاستفرغ عمره ، ثم لم يحكم أمره ، لكن اقتصرنا من كل نوع على أصوله ، والرمز إلى بعض فصوله ، فإن الصناعة طويلة والعمر قصير ، وما ذا عسى أن يبلغ لسان التقصير.
قالوا خذ العين من كلّ فقلت لهم |
|
في العين فضل ولكن ناظر العين |
ومن هنا تأتي أهمية نشر مثل هذا الكتاب القيم من كتب غريب القرآن ، التي تركها لنا علماء السلف ـ رحمهمالله أجمعين ـ ، فإن خير ما بذلت فيه الجهود ، وكلّت من أجله القرائح والعقول كتاب الله العزيز.
وهذا الكتاب من الكتب الجامعة المختصرة في بابه ، فلا هو بالطويل الممل ، ولا بالقصير المخل ، سهل العبارة ، مشرق الديباجة ، حسن الترتيب.
وقد رتب المؤلف كتابه هذا حسب ترتيب سور المصحف الشريف ، ليتتبع ألفاظ السور التي هي بحاجة إلى الشرح والتفسير.
واعتمد المؤلف في شرح الغريب على تفسير من سبقوه من أئمة التفسير والبيان واللغة ، كابن عباس ، والحسن البصري ، والأخفش ، وابن الأنباري ، وغيرهم ، فجاء