سورة هود
(يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ) قيل : يعطفونها على عداوة محمد صلىاللهعليهوسلم ، وقيل : على حديث النفس.
(لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ) أي : ليستتروا.
(أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ) أي : يجعلونها على وجوههم.
(لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) (١) ذكروا في" لا" قولين ، وفي جرم قولين ، فالأول : قيل : " لا" حرف نفي ، و" جرم" اسمها ، كما تقول : لا بد ، ولا محالة ، ومعناه : حقا ، وقيل : معناه حق له ، ومحله رفع بالابتداء ، وأن وما بعده في محل رفع بالخبر والثاني : أن لا رد لكلام سابق ومعنى جرم : كسب (٢) ، وفاعله مضمر أي :
كسب فعلهم أنهم في الآخرة ، وكذا قوله تعالى : (لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ) قال (٣) :
ولقد طعنت أبا عيينة طعنة |
|
جرمت فزارة بعدها لم يغضبوا |
وقيل معنى جرم : وجب ، وأن لهم النار فاعله ، وقيل معناه : قطع ولا لنفي الفعل ، أي : لا قطع قاطع عن ذلك ، وروي في كلامهم لا جرم إنه بكسرها ، وروي لا جر إنه بكسر إن وحذف الميم.
(وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ) أي : تواضعوا ، وقيل : أنابوا ، واشتقاقه من الخبت وهي الأرض المنخفضة ، وقيل : المستوية ، كما تقول : أنجد وأتهم ، يقال : أخبت لله ، وفيه خبتة أي : تواضع.
(إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا) قيل : جمع رذل على أرذل ثم أراذل ككلب وأكلب وأكالب ، وقيل : هو جمع الأرذل وهو الناقص القدر ، والأول أظهر لأن الأفعل يقتضي الشركة أولا ثم الزيادة ، وقد رذل فلان يرذل رذالة ورذولة فهو رذل ورذال بالضم من قوم رذول وأراذل ورذلاء ـ ذكر كله عن يعقوب.
(بادِيَ الرَّأْيِ) على أنه اسم فاعل من بدأت الشيء أبدأه أي : اتبعوك من أول الأمر من غير روية ، والبادي والمبدي ، ومبتدأ الرأي : أول الرأي ، وفي الحاشية :
__________________
(١) لا جرم لفظة مركبة من" لا" ومن" جرم" ومعنى لا جرم حق.
(٢) وهذا هو قول الزجاج.
(٣) هو الشاعر أسماء بن الضريبة ، وقيل : عطية بن عفيف.