سورة النحل
(لَكُمْ فِيها دِفْءٌ) : هو ما يدفئ من الأكسية والقطف وغيرها ، وقيل : البيوت المتخذة من أوبار النعم ، وقيل : الدفء نتاج الإبل ، ويؤيده قوله صلىاللهعليهوسلم : " لنا من دفئهم ما سلّموا بالميثاق" ، نقول منه : دفي الرجل دفاءة مثل كره كراهة ، ولك أن تقول : دفئ دفاء مثل ظمئ ظمأ ، والاسم الدّفء بالكسر ، والجمع : الأدفاء ، ورجل دفئ فعل إذا لبس ما يدفيه ، وكذلك دفآن وامرأة دفأى.
(بِشِقِّ الْأَنْفُسِ) أي : بمشقتها ، والشّق : أحد نصفي الشيء ، وقرأ يزيد (١) : بشق الأنفس بفتح الشين على أنهما لغتان ، وقيل : الفتح : مصدر ، والكسر بمعنى : المشقة ، والمعنى : لم تكونوا بالغيه إلا بنصف الأنفس ، وقيل : المراد مكة ، وقيل : من البلاد ، والذي عند الماوردي في البلد قولان أحدهما : أنه مكة لأنها من البلاد الفلوات ، الثاني : أنه محمول على العموم في كل بلد مسلكه على الظهر.
(وَمِنْها جائِرٌ) أي : مائل ، والجور : الميل عن القصد.
(وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ) مخرت السفينة تمخر ، وتمخر مخرا ومخورا إذا جرت تشق الماء مع صوت ، ويقال : مخرت الأرض أي : أرسلت الماء فيها ، وبنات مخر : سحائب يجئن قبل الصيف مبيّضات.
(يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ) الفيء : ما نسخته الشمس ، والمعنى أن الظل يفعل الحركة يمنة ويسرة.
(وَهُمْ داخِرُونَ) أي : صاغرون ، تقول : دخر الرجل دخورا فهو داخر.
(وَلَهُ الدِّينُ واصِباً) دائما (٢) ، ومنه قوله تعالى : " " [الصافات : ٩].
(فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ) أي : ترفعون أصواتكم ، يقال : جأر يجأر جؤارا وجؤرا ، والأصل فيه : الثور يرفع صوته.
(ظَلَّ وَجْهُهُ) أي : صار ، ويجوز أن يكون من قولك : ظللت أعمل كذلك بالكسر ظلولا إذا عملته بالنهار دون الليل.
__________________
(١) يزيد بن القعقاع ـ أبو جعفر المدني أحد القراء العشرة. توفي بالمدينة عام ١٢٨ ه.
(٢) وهو قول الجمهور.