سورة الإسراء
(سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى) سبحان قيل : علم على التسبيح ، وهو غير مصروف للعلمية والزيادة ، وقيل : مصدر في موضع التسبيح ، وأسرى قيل : سرى وأسرى لغتان ، وقيل : الأصل سرى والهمزة للتعدية ، والتقدير : أسرى البراق بعبده ، وقرئ بهما على أنهما لغتان فأسر واسر على أن الهمزة أصلية ، ويؤيد من يقول بأن الهمزة للتعدية قول حسان :
حيّ النضيرة ربّة الخدر |
|
أسرت إليّ ولم تكن تسري |
التقدير : أسرت إلي خيالها ولم يكن منها سرى. فتأمله ، وليلا منصوب على الظرفية ، فإن قيل : فالسّرى لا يكون إلا ليلا ، قلنا : جيء به منكّرا ليشعر بالمدة القليلة من الليل لإرادة البعضية ، ويؤيد ذلك قراءة عبد الله وحذيفة : " من الليل".
(وَقَضَيْنا) القضاء : فصل الأمر قولا كان أو فعلا ، وكل منهما على وجهين : إلهيّ ، وبشريّ.
(وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) أي : أمر ، وقيل : عهد ، وقيل : وصّى.
(وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ) هذا قضاء بالإعلام والفصل ، من (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ ،) ومن الفعل الإلهي قوله تعالى : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ ،) وإشارة إلى إيجاده الإبداعي. ومن الفعل البشرى : (فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ) وقال : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) [الحج : ٢٩] بمعنى أدوا. وقال الجوهري : قضى بمعنى حكم ، وقد تكون بمعنى الفراغ ، تقول : قضيت حاجتي ، وضربه فقضى عليه ، أي : قتله ، وسمّ قاض أي : قاتل ، وقضى نحبه : مات. وقد يكون بمعنى الأداء ، تقول : قضيت ديني ، وقد يكون بمعنى الإعلام كقوله تعالى : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ ،) وقوله تعالى : (ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَ) [يونس ـ ١٧] ، بمعنى : امضوا إلي ، وقد يكون بمعنى الصنع والتقدير ، كقوله تعالى : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ) [فصلت ـ ١٢] ، ومنه القضاء والقدر.
(وَأَمْدَدْناكُمْ) قال أبو زيد : مددنا القوم : صرنا مددا لهم ، وأمددناهم بغيرنا.
(وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) أي : جماعة ، وقد يقال للقوم الذين يتقدمون في الأمر : النفير ، فيقال : جاءت نفيرة من فلان.
(وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها) أي : فعليها.