قوله تعالى : (تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ، وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) (٢٧).
مواضع هذه الجمل كلها فى هذه الآية بمنزلة : (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ) فى النصب والرفع.
وقرئ ، الميت بالتشديد والتخفيف وهما بمعنى واحد ، وزعم بعضهم أن الميت ما مات والميّت ما سيموت ، وتمسّك بقوله تعالى :
(إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ)(١)
أى ، سيموت ويموتون. وليس بصحيح ، وإنما هما لغتان بمعنى ، فمن شدّد أتى به على الأصل ، ومن خفف حذف إحدى الياء بن طلبا للتخفيف والدليل على أنهما بمعنى واحد قول عدى بن رعلاء :
ليس من مات فاستراح بميت |
|
إنما الميت ميّت الأحياء (٢) |
فأتى باللغتين فيما سيموت.
قوله تعالى : (فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) (٢٨).
ليس من الله ، أى ، ليس من دين الله أو ثواب الله فى شىء فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه. ومن الله ، فى موضع نصب على الحال ، لأن التقدير فيه ، فليس فى شىء كائن من دين الله. فلما قدّم صفة النكرة عليها انتصب على الحال. ونحوه قول الشاعر :
__________________
(١) سورة الزمر ٣٠.
(٢) الشاهد قد نسبه المؤلف ومحقق قطر الندى إلى عدى بن الرعلاء ـ قطر الندى ص ٢٣٤ الطبعة التاسعة. المكتبة التجارية ١٣٧٧ ه ـ ١٩٥٧ م.